نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 2 صفحه : 186
كتب عليهم لم تستقرّ
أرواحهم فى أجسادهم طرفة عين شوقا إلى الثّواب ، وخوفا من العقاب ، عظم الخالق فى
أنفسهم فصغر ما دونه فى أعينهم ، فهم والجنّة كمن قد رآها [١] فهم فيها منعّمون ، وهم والنّار كمن قد
رآها ، فهم فيها معذّبون : قلوبهم محزونة ، وشرورهم مأمونة ، وأجسادهم نحيفة [٢] ، وحاجاتهم خفيفة ، وأنفسهم عفيفة ، صبروا
أيّاما قصيرة أعقبتهم راحة طويلة.
تجارة مربحة [٣] يسّرها لهم ربّهم ، أرادتهم الدّنيا
فلم يريدوها ، وأسرتهم ففدوا أنفسهم منها. أمّا اللّيل فصافّون أقدامهم تالين
لأجزاء القرآن : يرتّلونه ترتيلا ، يحزنون به أنفسهم ، ويستثيرون دواء دائهم [٤] ،
فإذا مرّوا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا ، وتطلّعت نفوسهم إليها شوقا ، وظنّوا
أنّها نصب أعينهم ، وإذا مرّوا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم ، وظنّوا
أنّ زفير جهنّم وشهيقها فى أصول آذانهم [٥] ، فهم حانون على
أوساطهم ، مفترشون
[١] أى : هم على
يقين من الجنة والنار كيقين من رآهما ، فكأنهم فى نعيم الأولى وعذاب الثانية ، رجاء
وخوفا
[٢] نحافة أجسادهم
من الفكر فى صلاح دينهم والقيام بما يجب عليهم
[٤] استثار الساكن : هيجه
، وقارىء القرآن يستثير به الفكر الماحى للجهل ، فهو دواؤه
[٥] زفير النار : صوت
توقدها ، وشهيقها الشديد من زفيرها كأنه تردد البكاء أو نهيق الحمار ، أى : إنهم
من كمال يقينهم بالنار يتخيلون صوتها تحت جدران آذانهم ، فهم من شدة الخوف قد حنوا
ظهورهم وسلطوا الانحناء على أوساطهم. وفكاك الرقاب : خلاصها.
نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 2 صفحه : 186