نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 2 صفحه : 168
عباده لرخّص فيه
لخاصّة أنبيائه [وأوليائه] ، ولكنّه ـ سبحانه ـ كرّه إليهم التّكابر ، ورضى لهم
التّواضع ، فألصقوا بالأرض خدودهم ، وعفّروا فى التّراب وجوههم ، وخفضوا أجنحتهم
للمؤمنين ، وكانوا أقواما مستضعفين وقد اختبرهم اللّه بالمخمصة [١] ، وابتلاهم بالمجهدة ، وامتحنهم
بالمخاوف ، ومخضهم بالمكاره ، فلا تعتبروا الرّضا والسّخط بالمال والولد [٢] جهلا بمواقع الفتنة ، والاختبار فى
مواضع الغنى والاقتدار ، وقد قال سبحانه وتعالى «أَيَحْسَبُونَ أَنَّمٰا نُمِدُّهُمْ بِهِ
مِنْ مٰالٍ وَبَنِينَ نُسٰارِعُ لَهُمْ فِي اَلْخَيْرٰاتِ بَلْ
لاٰ يَشْعُرُونَ» فإنّ اللّه ـ سبحانه
ـ يختبر عباده المستكبرين فى أنفسهم ، بأوليائه المستضعفين فى أعينهم ولقد دخل
موسى بن عمران ومعه أخوه هارون ، عليهما السّلام ، على فرعون وعليهما مدارع الصّوف
وبأيديهما العصىّ فشرطا له إن أسلم بقاء
[١] المخمصة : الجوع
، والمجهدة : المشقة. ومخض اللبن : تحريكه ليخرج زبده وبابه قطع ونصر وضرب. والمكاره
تستخلص إيمان الصادقين وتظهر مزاياهم العقلية والنفسية. وروى «محصهم» ـ بالحاء والصاد
المهملتين ـ أى : طهرهم وزكاهم. وأصل المحص والتمحيص تخليص الشىء مما فيه من عيب ،
تقول : محصت الذهب ـ مخففا ومشددا ـ إذا أزلته عنه ما يشوبه. وفى التنزيل : «وَلِيُمَحِّصَ
اَللّٰهُ اَلَّذِينَ آمَنُوا»
[٢] لا تجعلوا كثرة
الأولاد ووفرة الأموال دليلا على رضا اللّه ، والنقص فيهما دليلا على سخطه ، فقد
يكون الأول فتنة واستدراجا ، والثانى محنة وابتلاء
نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 2 صفحه : 168