نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 2 صفحه : 162
اعترضته الحميّة
فافتخر على آدم بخلقه ، وتعصّب عليه لأصله ، فعدوّ اللّه إمام المتعصّبين ، وسلف
المستكبرين ، الّذى وضع أساس العصبيّة ، ونازع اللّه رداء الجبريّة ، وادّرع لباس
التّعزّز ، وخلع قناع التّذلّل. ألا ترون كيف صغّره اللّه بتكبّره؟ ووضعه اللّه
بترفّعه؟ فجعله فى الدّنيا مدحورا ، وأعدّ له فى الآخرة سعيرا.
ولو أراد اللّه أن يخلق آدم من نور يخطف
الأبصار ضياؤه ، ويبهر العقول رواؤه [١]
، وطيب يأخذ الأنفاس عرفه ، لفعل ، ولو فعل لظلّت له الأعناق خاضعة ، ولخفّت
البلوى فيه على الملائكة ، ولكنّ اللّه ـ سبحانه ـ ابتلى خلقه ببعض ما يجهلون أصله
تمييزا بالاختبار لهم ، ونفيا للاستكبار عنهم ، وإبعادا للخيلاء منهم.
فاعتبروا بما كان من فعل اللّه بإبليس ،
إذ أحبط عمله الطّويل ، وجهده الجهيد ، وكان قد عبد اللّه ستّة آلاف سنة لا يدرى
أمن سنى الدّنيا أم سنى الآخرة ـ عن كبر ساعة واحدة [٢] فمن [ذا] بعد إبليس يسلم على اللّه
بمثل معصيته [٣]؟
كلاّ! ما كان اللّه سبحانه ليدخل الجنّة بشرا بأمر أخرج به منها
[١] الرواء ـ بضم
ففتح ـ : حسن المنظر ، والعرف ـ بالفتح ـ : الرائحة
[٢] «عن» متعلق
بأحبط ، أى : أضاع عمله بسبب كبر ساعة
[٣] أى : يسلم من
عتابه ، وكأنه استعمل «سلم» بمعنى ذهب أو فات فأتى بعلى
نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 2 صفحه : 162