نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 1 صفحه : 88
٤١
ـ ومن خطبة له عليه السّلام
إنّ الوفاء توءم الصّدق [١] ولا أعلم جنّة أوقى منه. ولا يغدر من
علم كيف المرجع. ولقد أصبحنا فى زمان قد اتّخذ أكثر أهله الغدر كيسا [٢] ونسبهم أهل الجهل فيه إلى حسن الحيلة ،
ما لهم؟ قاتلهم اللّه! قد يرى الحوّل القلّب وجه الحيلة ودونه مانع من أمر اللّه ونهيه
فيدعها رأى عين بعد القدرة عليها وينتهز فرصتها من لا حريجة له فى الدّين [٣]
٤٢
ـ ومن كلام له عليه السّلام
أيّها النّاس ، إنّ أخوف ما أخاف عليكم
اثنان : اتّباع الهوى ، وطول الأمل [٤] ، فأمّا اتّباع
الهوى فيصدّ عن الحقّ ، وأمّا طول الأمل فينسى
[١] التوءم : الذى
يولد مع الآخر فى حمل واحد ، فالصدق والوفاء قرينان فى المنشأ لا يسبق أحدهما
الآخر فى الوجود ولا فى المنزلة : والجنة ـ بالضم ـ الوقاية ومن علم أن مرجعه إلى
اللّه ، وهو سريع الحساب ، لا يمكن أن يعدل عن الوفاء إلى الغدر
[٢] الكيس ـ بالفتح
ـ العقل ، وأهل ذلك الزمان يعدون الغدر من العقل وحسن الحيلة ، كأنهم أهل السياسة
من بنى زماننا ، وأمير المؤمنين يعجب من زعمهم ، ويقول : ما لهم قاتلهم اللّه
يزعمون ذلك مع أن الحول القلب ـ بضم الأول وتشديد الثانى من اللفظين ، أى : البصير
بتحويل الأمور وتقليبها ـ قد يرى وجه الحيلة فى بلوغ مراده ، لكنه يجد دون الأخذ
به مانعا من أمر اللّه ونهيه ، فيدع الحيلة وهو قادر عليها ، خوفا من اللّه ، ووقوفا
عند حدوده.