فقمت بالأمر حين فشلوا ، وتطلّعت حين
تقبّعوا [٢]
ونطقت حين تمنّعوا ومضيت بنور اللّه حين وقفوا. وكنت أخفضهم صوتا [٣] وأعلاهم فوتا [٤] فطرت
بعنانها ، واستبددت برهانها [٥] كالجبل لا تحرّكه
القواصف ، ولا
[١] هذا الكلام ساقه
الرضى كأنه قطعة واحدة لغرض واحد ، وليس كذلك ، بل هو قطع غير متجاورة ، كل قطعة
منها فى معنى غير ما للأخرى ، وهو أربعة فصول الأول من قوله : فقمت بالأمر إلى
قوله : واستبددت برهانها ، والفصل الثانى من قوله : كالجبل لا تحركه القواصف إلى
قوله : حتى أخذ الحق منه. والفصل الثالث من قوله : رضينا من اللّه قضاءه ، إلى
قوله : فلا أكون أول من كذب عليه. والفصل الرابع ما بقى
[٢] يصف حاله فى
خلافة عثمان رضى اللّه عنه ، ومقاماته فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر أيام
الأحداث ، أى : أنه قام بانكار المنكر حين فشل القوم ، أى : حين جبنهم وخورهم ، والتقبع
: الاختباء ، والتطلع : ضده ، ويقال : امرأة طلعة قبعة : تطلع ثم تقبع رأسها ، أى
: تدخله كما يقبع القنفذ ، أى : يدخل رأسه فى جلده وقبع الرجل : أدخل رأسه فى
قميصه. أى : أنه ظهر فى إعزاز الحق والتنبيه على مواقع الصواب حين كان يختبئ القوم
من الرهبة ، ويقال : «تقبع فلان فى كلامه» إذا تردد من عى أو حصر ، فقد كان ينطق
بالحق ويستقيم به لسانه ، والقوم يترددون ولا يبينون
[٣] كناية عن ثبات
الجأش ، فان رفع الصوت عند المخاوف إنما هو من الجزع ، وقد يكون كناية عن التواضع
أيضا
[٥] هذا الضمير وسابقه
يعودان إلى الفضيلة المعلومة من الكلام : فضيلة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ،
وهو يمثل حاله مع القوم بحال خيل الحلبة ، والعنان للفرس معروف ، وطار به : سبق
به. والرهان : الجعل
نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 1 صفحه : 84