نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 1 صفحه : 68
ألا وإنّه من لا
ينفعه الحقّ يضرره الباطل [١]
، ومن لم يستقم به الهدى يجرّ به الضّلال إلى الرّدى ، ألا وإنّكم قد أمرتم
بالظّعن [٢]
، ودللتم على الزّاد ، وإنّ أخوف ما أخاف عليكم اتّباع الهوى وطول الأمل ، تزوّدوا
من الدّنيا ما تحرزون أنفسكم به غدا [٣]
قال الشريف : أقول : لو كان كلام يأخذ بالأعناق إلى الزهد فى الدنيا ويضطر إلى عمل
الآخرة لكان هذا الكلام ، وكفى به قاطعا لعلائق الآمال ، وقادحا زناد الاتعاظ والازدجار
، ومن أعجبه قوله عليه السلام «ألا وإنّ اليوم المضمار وغدا السّباق والسّبقة
الجنّة والغاية النّار» فإن فيه ـ مع فخامة اللفظ ، وعظم قدر المعنى ، وصادق
التمثيل ، وواقع التشبيه ـ سرا عجيبا ، ومعنى لطيفا ، وهو قوله عليه السلام : «والسبقة
الجنة ، والغاية النار» فخالف بين اللفظين لاختلاف المعنيين ، ولم يقل «السبقة
النار» كما قال «السبقة الجنة» ، لأن
واستكمال أسباب
السعادة فيها ، وأن ينام الهارب من النار فى هولها واستجماعها أسباب الشقاء
[١] النفع الصحيح
كله فى الحق. فان قال قائل : إن الحق لم ينفعه فالباطل أشد ضررا له ، ومن لم يستقم
به الهدى المرشد إلى الحق ـ أى : لم يصل به إلى مطلوبه من السعادة ـ جرى به الضلال
إلى الردى والهلاك
[٢] الظعن ـ بالفتح
، وبالتحريك ـ الرحيل عن الدنيا ، وفعله كقطع ، وأمرنا به أمر تكوين ، أى كما
خلقنا اللّه خلق فينا أن نرحل عن حياتنا الأولى لنستقر فى الأخرى ، والزاد الذى
دلنا عليه : هو عمل الصالحات ، وترك السيئات.
[٣] تحرزون أنفسكم :
تحفظونها من الهلاك الأبدى ، ويقال : حرز نفسه ـ كنصر ـ أو هذا إبدال والأصل حرس
بالسين فأبدلت زايا ، وتقول : حرز فلان ككرم ، إذا تحصن ، وحرز كفرح ، إذا كثر
ورعه.
نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 1 صفحه : 68