فإنّ الغاية أمامكم [٢] وإنّ وراءكم السّاعة تحدوكم ، تخفّفوا
تلحقوا [٣]
فإنّما تنتظر بأوّلكم آخركم [٤] قال الشريف أقول : إن
هذا الكلام لو وزن ، بعد كلام اللّه سبحانه وبعد كلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه
وآله ، بكل كلام لمال به راجحا ، وبرّز عليه سابقا. فأما قوله عليه السّلام «تخففوا
تلحقوا» فما سمع كلام أقل منه مسموعا ولا أكثر محصولا وما أبعد غورها من كلمة ، وأنقع
نطفتها من حكمة [٥] ، وقد نبهنا فى كتاب
الخصائص على عظم قدرها وشرف جوهرها
[١] رسل السماء : الملائكة
، أى : إن قلتم لم يأتنا عن اللّه شىء فقد أقيمت عليكم الحجة بتبليغ رسول اللّه وإرشاد
خليفته.
[٢] الغاية : الثواب
أو العقاب ، والنعيم والشقاء. فعليكم أن تعدوا للغاية ما يصل بكم إليها ، ولا
تستبطئوها فان الساعة التى تصيبونها فيها ـ وهى يوم القيامة ـ آزفة إليكم فكأنها ـ
فى تقربها نحوكم وتقليل المسافة بينها وبينكم ـ بمنزلة سائق يسوقكم إلى ما تسيرون
إليه
[٣] سبق سابقون
بأعمالهم إلى الحسنى ، فمن أراد اللحاق بهم فعليه أن يتخفف من أثقال الشهوات وأوزار
العناء فى تحصيل اللذات ، ويحفز بنفسه عن هذه الفانيات فيلحق بالذين فازوا بعقبى
الدار. وأصله الرجل يسعى وهو غير مثقل بما يحمله يكون أجدر أن يلحق الذين سبقوه
[٤] أى : أن الساعة لا
ريب فيها ، وإنما ينتظر بالأول مدة لا يبعث فيها حتى يرد الآخرون وينقضى دور
الانسان من هذه الدنيا ولا يبقى على وجه الأرض أحد فتكون الساعة بعد هذا ، وذلك
يوم يبعثون
[٥] من قولهم ماء ناقع ونقيع
أى ناجع ، أى إطفاء العطش. والنطفة : الماء الصافى
نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 1 صفحه : 54