نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 1 صفحه : 16
للبليّة ، وإنجازا
للعدة ، فقال (إنَّكَ مِنَ اَلْمُنْظَرِينَ إِلىٰ
يَوْمِ اَلْوَقْتِ اَلْمَعْلُومِ)
ثمّ أسكن سبحانه آدم دارا أرغد فيها عيشه ، وآمن فيها محلّته ، وحذّره إبليس وعداوته
، فاغترّه عدوّه نفاسة عليه بدار المقام ومرافقة الأبرار [١]فباع اليقين بشكّه ، والعزيمة بوهنه ،
واستبدل بالجذل وجلا [٢]
، وبالاغترار ندما ثمّ بسط اللّه سبحانه له فى توبته ، ولقّاه كلمة رحمته ، ووعده
المردّ إلى جنّته ، وأهبطه إلى دار البليّة [٣]
وتناسل الذّرّيّة [٤] ، واصطفى سبحانه من
ولده
للأرض متمتعا
بالوجود ، فيكون من الشيطان فى هذا الأمد ما يستحق به سخط اللّه وما تتم به بلية
الشقاء عليه ، ويكون اللّه جل شأنه قد أنجز وعده فى قوله : (إنك لمن المنظرين).
[١] اغتر آدم عدوه
الشيطان ، أى : انتهز منه غرة فأغواه ، وكان الحامل للشيطان على غواية آدم حسده له
على الخلود فى دار المقام ، ومرافقته الأبرار من الملائكة الأطهار.
[٢] أدخل الشيطان
عليه الشك فى أن ما تناول منه سائغ التناول بعد أن كان فى نهى اللّه له عن تناوله
ما يوجب له اليقين بحظره عليه ، وكانت العزيمة فى الوقوف عند ما أمر اللّه فاستبد
بها الوهن الذى أفضى إلى المخالفة ، والجذل ـ بالتحريك ـ الفرح ، وقد كان فى راحة
الأمن بالاخبات إلى اللّه وامتثال الأمر ، فلما سقط فى المخالفة تبدل ذلك بالوجل والخوف
من حلول العقوبة ، وقد ذهبت عنه الغرة ، وانتبه إلى عاقبة ما اقترف ، فاستشعر
الندم بعد الاغترار.
[٣] أهبطه من مقام
مرشده فيه الالهام الالهى الخالص من الشوائب لانسياق قواه إلى مقتضى الفطرة
السليمة الأولى ، إلى مقر قد خلط له فيه الخير والشر ، واختط له فيه الطريقان ، ووكل
إلى نظره العقلى ، وابتلى بالتمييز بين النجدين. واختيار أى الطريقين ، وهو العناد
الذى تكدر به صفو هذه الحياة على الآدميين.
[٤] تناسل الذرية من
خصائص تلك المنزلة الثانية التى أنزل اللّه فيها آدم ، وهو
نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 1 صفحه : 16