نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 1 صفحه : 158
ورازقه ، والشّمس والقمر
دائبان فى مرضاته [١]
: يبليان كلّ جديد ويقرّبان كلّ بعيد ، قسم أرزاقهم ، وأحصى آثارهم وأعمالهم ، وعدد
أنفاسهم ، وخائنة أعينهم ، وما تخفى صدورهم من الضّمير [٢] ومستقرّهم ومستودعهم من الأرحام والظّهور
، إلى أن تتناهى بهم الغايات ، هو الّذى اشتدّت نقمته على أعدائه فى سعة رحمته واتّسعت
رحمته لأوليائه فى شدّة نقمته ، قاهر من عازّه [٣]
ومدمّر من شاقّه ، ومذلّ من ناوأه ، وغالب من عاداه ، ومن توكّل عليه كفاه ، ومن
سأله أعطاه ، ومن أقرضه قضاه [٤] ، ومن شكره جزاه.
عباد اللّه ، زنوا أنفسكم قبل أن توزنوا ، وحاسبوها من قبل أن تحاسبوا [٥] وتنفّسوا
قبل ضيق الخناق ، وانقادوا قبل عنف السّياق [٦] واعلموا أنّه من
[١] دائبان : تثنية
دائب ، وهو المجد المجتهد ، وصفهما بذلك لتعاقبهما على حال واحدة لا يفتران ولا
يسكنان ، وذلك كما أراد اللّه سبحانه
[٢] «من الضمير» بيان
لما تخفى الصدور ، وذلك أخفى من خائنة الأعين ، وهى : ما يسارق من النظر إلى ما لا
يحل ، وتلك أخفى مما قبلها من الأرحام والظهور ، أى : فيها. أو تكون «من» للتبعيض
، أى : الجزء الذى كانوا فيه من أرحام الأمهات وظهور الآباء
[٣] عازه : رام
مشاركته فى شىء من عزته ، وشاقه : نازعه ، وناوأه : خالفه
[٤] جعل تقديم العمل
الصالح بمنزلة القرض ، والثواب عليه بمنزلة قضاء الدين ، إظهارا لتحقق الجزاء على
العمل. قال تعالى : «مَنْ ذَا اَلَّذِي يُقْرِضُ
اَللّٰهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضٰاعِفَهُ لَهُ أَضْعٰافاً
كَثِيرَةً»
[٥] يقول : اعتبروا
أعمالكم وأنتم مختارون قادرون على استدراك الفارط قبل أن يكون هذا الاعتبار فعل
غيركم وأنتم لا تقدرون على استدراك ما يكون قد فرط منكم
[٦] العنف ـ بضم فسكون ـ
ضد الرفق ، ويقال : عنف عليه ، وعنف به ـ من باب كرم فيهما ـ وأصل العنيف الذى لا
رفق له بركوب الخيل ، وجمعه عنف ـ وتقول أيضا : اعتنفت الأمر ، إذا أخذته بقوة وعنف
، أى : انقادوا إلى ما يطلب منكم بالحث الرفيق قبل أن تساقوا إليه بالعنف الشديد
نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 1 صفحه : 158