والنص
منتهى الأشياء ومبلغ أقصاها ـ كالنص في السير لأنه أقصى ما تقدر عليه الدابة ـ
وتقول نصصت الرجل عن الأمر ـ إذا استقصيت مسألته عنه لتستخرج ما عنده فيه ـ فنص
الحقاق يريد به الإدراك لأنه منتهى الصغر ـ والوقت الذي يخرج منه الصغير إلى حد
الكبير ـ وهو من أفصح الكنايات عن هذا الأمر وأغربها ـ يقول فإذا بلغ النساء ذلك ـ
فالعصبة أولى بالمرأة من أمها ـ إذا كانوا محرما مثل الإخوة والأعمام ـ وبتزويجها
إن أرادوا ذلك ـ. والحقاق محاقة الأم للعصبة في المرأة ـ وهو الجدال والخصومة ـ
وقول كل واحد منهما للآخر أنا أحق منك بهذا ـ يقال منه حاققته حقاقا مثل جادلته
جدالا ـ وقد قيل إن نص الحقاق بلوغ العقل وهو الإدراك ـ لأنه عليهالسلام
إنما أراد منتهى الأمر ـ الذي تجب فيه الحقوق والأحكام ـ. ومن رواه نص الحقائق ـ
فإنما أراد جمع حقيقة.
هذا
معنى ما ذكره أبو عبيد القاسم بن سلام ـ. والذي عندي أن المراد بنص الحقاق هاهنا ـ
بلوغ المرأة إلى الحد الذي يجوز فيه تزويجها ـ وتصرفها في حقوقها ـ تشبيها بالحقاق
من الإبل وهي جمع حقة وحق ـ وهو الذي استكمل ثلاث سنين ودخل في الرابعة ـ وعند ذلك
يبلغ إلى الحد الذي يتمكن فيه ـ من ركوب ظهره ونصه في السير ـ والحقائق أيضا جمع
حقة ـ فالروايتان جميعا ترجعان إلى معنى واحد ـ وهذا أشبه بطريقة العرب من المعنى
المذكور أولا.