تَزْهِيداً لأَهْلِ الإِحْسَانِ فِي الإِحْسَانِ ـ وتَدْرِيباً لأَهْلِ الإِسَاءَةِ عَلَى الإِسَاءَةِ ـ وأَلْزِمْ كُلاًّ مِنْهُمْ مَا أَلْزَمَ نَفْسَه واعْلَمْ أَنَّه لَيْسَ شَيْءٌ بِأَدْعَى ـ إِلَى حُسْنِ ظَنِّ رَاعٍ بِرَعِيَّتِه ـ مِنْ إِحْسَانِه إِلَيْهِمْ وتَخْفِيفِه الْمَئُونَاتِ عَلَيْهِمْ ـ وتَرْكِ اسْتِكْرَاهِه إِيَّاهُمْ عَلَى مَا لَيْسَ لَه قِبَلَهُمْ [٤٠٥٣] ـ فَلْيَكُنْ مِنْكَ فِي ذَلِكَ أَمْرٌ ـ يَجْتَمِعُ لَكَ بِه حُسْنُ الظَّنِّ بِرَعِيَّتِكَ ـ فَإِنَّ حُسْنَ الظَّنِّ يَقْطَعُ عَنْكَ نَصَباً [٤٠٥٤] طَوِيلًا ـ وإِنَّ أَحَقَّ مَنْ حَسُنَ ظَنُّكَ بِه لَمَنْ حَسُنَ بَلَاؤُكَ عِنْدَه [٤٠٥٥].
وإِنَّ أَحَقَّ مَنْ سَاءَ ظَنُّكَ بِه لَمَنْ سَاءَ بَلَاؤُكَ عِنْدَه ـ ولَا تَنْقُضْ سُنَّةً صَالِحَةً عَمِلَ بِهَا صُدُورُ هَذِه الأُمَّةِ ـ واجْتَمَعَتْ بِهَا الأُلْفَةُ وصَلَحَتْ عَلَيْهَا الرَّعِيَّةُ ـ ولَا تُحْدِثَنَّ سُنَّةً تَضُرُّ بِشَيْءٍ مِنْ مَاضِي تِلْكَ السُّنَنِ ـ فَيَكُونَ الأَجْرُ لِمَنْ سَنَّهَا ـ والْوِزْرُ عَلَيْكَ بِمَا نَقَضْتَ مِنْهَا.
وأَكْثِرْ مُدَارَسَةَ الْعُلَمَاءِ ومُنَاقَشَةَ الْحُكَمَاءِ ـ فِي تَثْبِيتِ مَا صَلَحَ عَلَيْه أَمْرُ بِلَادِكَ ـ وإِقَامَةِ مَا اسْتَقَامَ بِه النَّاسُ قَبْلَكَ.
واعْلَمْ أَنَّ الرَّعِيَّةَ طَبَقَاتٌ ـ لَا يَصْلُحُ بَعْضُهَا إِلَّا بِبَعْضٍ ـ ولَا غِنَى بِبَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ ـ فَمِنْهَا جُنُودُ اللَّه ومِنْهَا كُتَّابُ الْعَامَّةِ والْخَاصَّةِ ـ ومِنْهَا قُضَاةُ الْعَدْلِ ومِنْهَا عُمَّالُ الإِنْصَافِ والرِّفْقِ ـ ومِنْهَا أَهْلُ الْجِزْيَةِ والْخَرَاجِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ ومُسْلِمَةِ النَّاسِ ـ ومِنْهَا التُّجَّارُ وأَهْلُ الصِّنَاعَاتِ