خَالِيَةً ـ والْمَسَاكِنُ مُعَطَّلَةً ووَرِثَهَا قَوْمٌ آخَرُونَ ـ وإِنَّ لَكُمْ فِي الْقُرُونِ السَّالِفَةِ لَعِبْرَةً!
أَيْنَ الْعَمَالِقَةُ وأَبْنَاءُ الْعَمَالِقَةِ ـ أَيْنَ الْفَرَاعِنَةُ وأَبْنَاءُ الْفَرَاعِنَةِ ـ أَيْنَ أَصْحَابُ مَدَائِنِ الرَّسِّ الَّذِينَ قَتَلُوا النَّبِيِّينَ ـ وأَطْفَئُوا سُنَنَ الْمُرْسَلِينَ وأَحْيَوْا سُنَنَ الْجَبَّارِينَ ـ أَيْنَ الَّذِينَ سَارُوا بِالْجُيُوشِ وهَزَمُوا بِالأُلُوفِ ـ وعَسْكَرُوا الْعَسَاكِرَ ومَدَّنُوا الْمَدَائِنَ!
ومِنْهَا ـ قَدْ لَبِسَ لِلْحِكْمَةِ جُنَّتَهَا [٢٣٣١] ـ وأَخَذَهَا بِجَمِيعِ أَدَبِهَا مِنَ الإِقْبَالِ عَلَيْهَا ـ والْمَعْرِفَةِ بِهَا والتَّفَرُّغِ لَهَا ـ فَهِيَ عِنْدَ نَفْسِه ضَالَّتُه الَّتِي يَطْلُبُهَا ـ وحَاجَتُه الَّتِي يَسْأَلُ عَنْهَا ـ فَهُوَ مُغْتَرِبٌ إِذَا اغْتَرَبَ الإِسْلَامُ ـ وضَرَبَ بِعَسِيبِ ذَنَبِه [٢٣٣٢] ـ وأَلْصَقَ الأَرْضَ بِجِرَانِه [٢٣٣٣] بَقِيَّةٌ مِنْ بَقَايَا حُجَّتِه ـ خَلِيفَةٌ مِنْ خَلَائِفِ أَنْبِيَائِه.
ثم قال عليهالسلام :
أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ بَثَثْتُ لَكُمُ الْمَوَاعِظَ ـ الَّتِي وَعَظَ الأَنْبِيَاءُ بِهَا أُمَمَهُمْ ـ وأَدَّيْتُ إِلَيْكُمْ مَا أَدَّتِ الأَوْصِيَاءُ إِلَى مَنْ بَعْدَهُمْ ـ وأَدَّبْتُكُمْ بِسَوْطِي فَلَمْ تَسْتَقِيمُوا ـ وحَدَوْتُكُمْ بِالزَّوَاجِرِ فَلَمْ تَسْتَوْسِقُوا [٢٣٣٤] ـ لِلَّه أَنْتُمْ ـ أَتَتَوَقَّعُونَ إِمَاماً غَيْرِي يَطَأُ بِكُمُ الطَّرِيقَ ـ ويُرْشِدُكُمُ السَّبِيلَ؟
أَلَا إِنَّه قَدْ أَدْبَرَ مِنَ الدُّنْيَا مَا كَانَ مُقْبِلًا ـ وأَقْبَلَ مِنْهَا مَا كَانَ مُدْبِراً،