فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ حَاجِبُهُ إِنْ أَتَيْتُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ هَذَا أُخْبِرُكَ بِالْحَقِّ وَ الصَّوَابِ فَمَا لِي عِنْدَكَ؟ فَقَالَ الْمُتَوَكِّلُ إِنْ أَتَيْتَ بِالْحَقِّ فَلَكَ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَ إِلَّا أَضْرِبُكَ مِائَةَ مِقْرَعَةٍ فَقَالَ قَدْ رَضِيتُ فَأَتَى أَبَا الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيَّ ع فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ ع قُلْ لَهُ يَتَصَدَّقُ بِثَمَانِينَ دِرْهَماً فَرَجَعَ إِلَى الْمُتَوَكِّلِ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ- سَلْهُ مَا الْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ لِنَبِيِّهِ ص- لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ[1] فَعَدَدْنَا مَوَاطِنَ رَسُولِ اللَّهِ ص فَبَلَغَتْ ثَمَانِينَ مَوْطِناً فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ فَفَرِحَ وَ أَعْطَاهُ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ.
وَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رِزْقِ اللَّهِ[2] قَالَ: قُدِّمَ إِلَى الْمُتَوَكِّلِ رَجُلٌ نَصْرَانِيٌّ فَجَرَ بِامْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ فَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدَّ فَأَسْلَمَ فَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ قَدْ هَدَمَ إِيمَانُهُ شِرْكَهُ وَ فِعْلَهُ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ يُضْرَبُ ثَلَاثَةَ حُدُودٍ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ يُفْعَلُ بِهِ كَذَا وَ كَذَا فَأَمَرَ الْمُتَوَكِّلُ بِالْكِتَابِ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ وَ سُؤَالِهِ عَنْ ذَلِكَ فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ كَتَبَ ع يُضْرَبُ حَتَّى يَمُوتَ فَأَنْكَرَ يَحْيَى وَ أَنْكَرَ فُقَهَاءُ الْعَسْكَرِ ذَلِكَ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ سَلْهُ عَنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ شَيْءٌ لَمْ يَنْطِقْ بِهِ كِتَابٌ وَ لَمْ يَجِئْ بِهِ سُنَّةٌ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ أَنْكَرُوا هَذَا وَ قَالُوا لَمْ يَجِئْ بِهِ سُنَّةٌ وَ لَمْ يَنْطِقْ بِهِ كِتَابٌ فَبَيِّنْ لَنَا لِمَ أَوْجَبْتَ عَلَيْنَا الضَّرْبَ حَتَّى يَمُوتَ؟ فَكَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*- فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ. فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا الْآيَةَ[3] فَأَمَرَ بِهِ الْمُتَوَكِّلُ فَضُرِبَ حَتَّى مَاتَ.
سَأَلَ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ أَبَا الْحَسَنِ الْعَالِمَ ع عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ[4] مَا هِيَ؟ فَقَالَ هِيَ عَيْنُ الْكِبْرِيتِ وَ عَيْنُ الْيَمَنِ وَ عَيْنُ الْبَرَهُوتِ وَ عَيْنُ الطَّبَرِيَّةِ وَ جَمَّةُ ماسيدان [مَاسَبَذَانَ] و جَمَّةُ إِفْرِيقَا وَ عَيْنُ ماجروان [بَاجَرْوَانَ] وَ نَحْنُ الْكَلِمَاتُ الَّتِي لَا تُدْرَكُ فَضَائِلُنَا وَ لَا تُسْتَقْصَى.
وَ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ ع أَنَّهُ اتَّصَلَ بِأَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيِّ ع أَنَّ رَجُلًا مِنْ فُقَهَاءِ شِيعَتِهِ كَلَّمَ بَعْضَ النُّصَّابِ فَأَفْحَمَهُ بِحُجَّتِهِ حَتَّى أَبَانَ عَنْ فَضِيحَتِهِ فَدَخَلَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ ع وَ فِي
[1] التوبة: 26.
[2] روى عنه في التهذيب و الكافي و لم أعثر له على ترجمة.
[3] المؤمن: 84 و 85.
[4] لقمان: 27.