ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى خَالِدٍ فَقَالَ يَا خَالِدُ لَا تَفْعَلَنَّ مَا أَمَرْتُكَ وَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يَا خَالِدُ مَا الَّذِي أَمَرَكَ بِهِ؟ فَقَالَ أَمَرَنِي بِضَرْبِ عُنُقِكَ قَالَ أَ وَ كُنْتَ فَاعِلًا؟ قَالَ إِي وَ اللَّهِ لَوْ لَا أَنَّهُ قَالَ لِي لَا تَقْتُلْهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَقَتَلْتُكَ قَالَ فَأَخَذَهُ عَلِيٌّ ع فَجَلَدَ بِهِ الْأَرْضَ فَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَقَالَ عُمَرُ يَقْتُلُهُ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ فَقَالَ النَّاسُ يَا أَبَا الْحَسَنِ اللَّهَ اللَّهَ بِحَقِّ صَاحِبِ الْقَبْرِ فَخَلَّى عَنْهُ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى عُمَرَ فَأَخَذَ بِتَلَابِيبِهِ وَ قَالَ يَا ابْنَ صُهَاكَ وَ اللَّهِ لَوْ لَا عَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ- لَعَلِمْتَ أَيُّنَا أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً وَ دَخَلَ مَنْزِلَهُ.
رسالة لأمير المؤمنين ع إلى أبي بكر لما بلغه عنه كلام بعد منع الزهراء ع فدك
شَقُّوا مُتَلَاطِمَاتِ أَمْوَاجِ الْفِتَنِ بِحَيَازِيمِ سُفُنِ النَّجَاةِ وَ حَطُّوا تِيجَانَ أَهْلِ الْفَخْرِ بِجَمِيعِ أَهْلِ الْغَدْرِ وَ اسْتَضَاءُوا بِنُورِ الْأَنْوَارِ وَ اقْتَسَمُوا مَوَارِيثَ الطَّاهِرَاتِ الْأَبْرَارِ وَ احْتَقَبُوا[1] ثِقَلَ الْأَوْزَارِ بِغَصْبِهِمْ نِحْلَةَ النَّبِيِّ الْمُخْتَارِ فَكَأَنِّي بِكُمْ تَتَرَدَّدُونَ فِي الْعَمَى كَمَا يَتَرَدَّدُ الْبَعِيرُ فِي الطَّاحُونَةِ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ أُذِنَ لِي بِمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ لَحَصَدْتُ رُءُوسَكُمْ عَنْ أَجْسَادِكُمْ كَحَبِّ الْحَصِيدِ بِقَوَاضِبَ مِنْ حَدِيدٍ وَ لَقَلَعْتُ مِنْ جَمَاجِمِ شُجْعَانِكُمْ مَا أَقْرَحُ بِهِ آمَاقَكُمْ وَ أُوحِشُ بِهِ مَحَالَّكُمْ فَإِنِّي مُذْ عَرَفْتُ مُرْدِيَ الْعَسَاكِرِ وَ مُفْنِيَ الْجَحَافِلِ وَ مُبِيدَ خَضْرَائِكُمْ وَ مُخْمِدَ ضَوْضَائِكُمْ وَ جَرَّارَ الدَّوَّارِينَ إِذْ أَنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ مُعْتَكِفُونَ وَ إِنِّي لَصَاحِبُكُمْ بِالْأَمْسِ لَعَمْرُ أَبِي وَ أُمِّي لَنْ تُحِبُّوا أَنْ يَكُونَ فِينَا الْخِلَافَةُ وَ النُّبُوَّةُ وَ أَنْتُمْ تَذْكُرُونَ أَحْقَادَ بَدْرٍ وَ ثَارَاتِ أُحُدٍ أَمَا وَ اللَّهِ لَوْ قُلْتُ مَا سَبَقَ مِنَ اللَّهِ فِيكُمْ لَتَدَاخَلَتْ أَضْلَاعُكُمْ فِي أَجْوَافِكُمْ كَتَدَاخُلِ أَسْنَانِ دَوَّارَةِ الرَّحَى فَإِنْ نَطَقْتُ يَقُولُونَ حَسَداً- وَ إِنْ سَكَتُّ فَيُقَالُ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ جَزِعَ مِنَ الْمَوْتِ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ السَّاعَةَ يُقَالُ لِي هَذَا وَ أَنَا الْمُمِيتُ الْمَائِتُ وَ خَوَّاضُ الْمَنَايَا فِي جَوْفِ لَيْلٍ حَالِكٍ حَامِلُ السَّيْفَيْنِ الثَّقِيلَيْنِ وَ الرُّمْحَيْنِ الطَّوِيلَيْنِ وَ مُنَكِّسُ الرَّايَاتِ فِي غَطَامِطِ الْغَمَرَاتِ[2] وَ مُفَرِّجُ الْكُرُبَاتِ عَنْ وَجْهِ خَيْرِ الْبَرِيَّاتِ إِيهَنُوا فَوَ اللَّهِ لَابْنُ أَبِي طَالِبٍ آنَسُ بِالْمَوْتِ مِنَ الطِّفْلِ إِلَى مَحَالِبِ أُمِّهِ هَبِلَتْكُمُ الْهَوَابِلُ[3] لَوْ بُحْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ فِيكُمْ لَاضْطَرَبْتُمُ اضْطِرَابَ الْأَرْشِيَةِ فِي الطَّوِيِّ الْبَعِيدَةِ[4] وَ لَخَرَجْتُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ هَارِبِينَ وَ عَلَى وُجُوهِكُمْ هَائِمِينَ وَ لَكِنِّي أُهَوِّنُ وَجْدِي حَتَّى أَلْقَى رَبِّي- بِيَدٍ جَذَّاءَ صَفْرَاءَ مِنْ لَذَّاتِكُمْ خِلْوٌ مِنْ طَحَنَاتِكُمْ فَمَا مَثَلُ دُنْيَاكُمْ
[1] احتقبوا: حملوا على ظهورهم.
[2] غطامط: عظيم الأمواج و الغمرات جمع غمرة و هي: الشدة و غمرة الشيء شدته و مزدحمة.
[3] هبلت فلانا أمه: ثكلته فهي هابل.
[4] الارشية جمع رشاء: هو حبل الدلو، و الطوى السقاء الذي يجعلون فيها الماء.