فَقَلَّلَهُمْ فَقَالَ- وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ[1] وَ لَقَدْ تَبِعَنِي فِي سِنِّيَ الْقَلِيلَةِ وَ عُمُرِيَ الْيَسِيرِ مَا لَمْ يَتْبَعْ نُوحاً فِي طُولِ عُمُرِهِ وَ كِبَرِ سِنِّهِ وَ إِنَّ فِي الْجَنَّةِ عِشْرِينَ وَ مِائَةَ صَفٍّ أُمَّتِي مِنْهَا ثَمَانُونَ صَفّاً وَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ جَعَلَ كِتَابِيَ الْمُهَيْمِنَ عَلَى كُتُبِهِم النَّاسِخَ لَهَا وَ لَقَدْ جِئْتُ بِتَحْلِيلِ مَا حَرَّمُوا وَ بِتَحْرِيمِ مَا أَحَلُّوا مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مُوسَى جَاءَ بِتَحْرِيمِ صَيْدِ الْحِيتَانِ يَوْمَ السَّبْتِ حَتَّى إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِمَنِ اعْتَدَى مِنْهُمْ فِي صَيْدِهَا يَوْمَ السَّبْتِ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ[2] فَكَانُوا- وَ لَقَدْ جِئْتُ بِتَحْلِيلِ صَيْدِهَا حَتَّى صَارَ صَيْدُهَا حَلَالًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ[3] وَ جِئْتُ بِتَحْلِيلِ الشُّحُومِ كُلِّهَا وَ كُنْتُمْ لَا تَأْكُلُونَهَا ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ صَلَّى عَلَيَّ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً[4] ثُمَّ وَصَفَنِيَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِالرَّأْفَةِ وَ الرَّحْمَةِ وَ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ- لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ[5] وَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ لَا يُكَلِّمُونِي حَتَّى يَتَصَدَّقُوا بِصَدَقَةٍ وَ مَا كَانَ ذَلِكَ لِنَبِيٍّ قَطُّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً[6] ثُمَّ وَضَعَهَا عَنْهُمْ بَعْدَ أَنِ افْتَرَضَهَا عَلَيْهِمْ بِرَحْمَتِهِ وَ مَنِّهِ.
وَ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: إِنَّ يَهُودِيّاً جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ص فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَسْأَلُكَ فَتُخْبِرُنِي فَرَكَضَ ثَوْبَانُ بِرِجْلِهِ وَ قَالَ قُلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لَا أَدْعُوهُ إِلَّا بِمَا سَمَّاهُ أَهْلُهُ فَقَالَ أَ رَأَيْتَ قَوْلَهُ عَزَّ وَ جَلَّ- يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ[7] أَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ؟ فَقَالَ فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الْمَحْشَرِ فَقَالَ فَمَا أَوَّلُ مَا يَأْكُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلُوهَا؟ قَالَ كَبِدُ الْحُوتِ قَالَ فَمَا طَعَامُهُمْ عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ؟ قَالَ كَبِدُ الثَّوْرِ قَالَ فَمَا شَرَابُهُمْ عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ؟ قَالَ السَّلْسَبِيلُ قَالَ صَدَقْتَ أَ فَلَا أَسْأَلُكَ عَنْ شَيْءٍ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا نَبِيٌّ؟ قَالَ وَ مَا هُوَ؟ قَالَ عَنْ شَبَهِ الْوَلَدِ أَبَاهُ وَ أُمَّهُ قَالَ مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ غَلِيظٌ وَ مَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ رَقِيقٌ فَإِذَا عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَراً بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَ مَنْ تَشَبَّهَ أَبَاهُ قِبَلَ ذَلِكَ يَكُونُ الشَّبَهُ وَ إِذَا عَلَا مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ خَرَجَ الْوَلَدُ أُنْثَى بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَنْ تَشَبَّهَ أُمَّهُ قِبَلَ ذَلِكَ يَكُونُ الشَّبَهُ ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ ص وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا كَانَ عِنْدِي مِمَّا سَأَلْتَنِي عَنْهُ حَتَّى أَنْبَأَنِيهِ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي مَجْلِسِي هَذَا عَلَى لِسَانِ أَخِي جَبْرَئِيلَ.
ذكر ما جرى لرسول الله ص من الاحتجاج على المنافقين في طريق تبوك و غير ذلك من كيدهم لرسول الله ص على العقبة بالليل
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ الْعَسْكَرِيُّ ع لَقَدْ رَامَتِ الْفَجَرَةُ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ قَتْلَ رَسُولِ اللَّهِ ص عَلَى الْعَقَبَةِ[8]
[1] هود: 40.
[2] البقرة: 65.
[3] المائدة: 96.
[4] الأحزاب: 56.
[5] التوبة: 128.
[6] المجادلة: 12.
[7] إبراهيم: 48.
[8] عقبة- بالتحريك-: هو الجبل الطويل يعرض للطريق فيأخذ فيه، و هو طويل صعب الى صعود الجبل.« و العقبة» منزل في طريق مكّة بعد واقصة و قبل القاع لمن يريد مكّة، و هو ماء لبني عكرمة من بكر بن وائل. مراصد الاطلاع: 2- 948.