الْكُفَّارِ مَا قَالُوا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَا مُحَمَّدُ تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ الَّتِي يَمُنُّونَهَا بِلَا حُجَّةٍ- قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ وَ حُجَّتَكُمْ عَلَى دَعْوَاكُمْ- إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ كَمَا أَتَى مُحَمَّدٌ بِبَرَاهِينِهِ الَّتِي سَمِعْتُمُوهَا ثُمَّ قَالَ بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ تَعَالَى يَعْنِي كَمَا فَعَلَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ آمَنُوا بِرَسُولِ اللَّهِ لَمَّا سَمِعُوا بَرَاهِينَهُ وَ حُجَّتَهُ- وَ هُوَ مُحْسِنٌ فِي عَمَلِهِ فَلَهُ أَجْرُهُ وَ ثَوَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ يَوْمَ فَصْلِ الْقَضَاءِ- وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ حِينَ يَخَافُ الْكَافِرُونَ مِمَّا يُشَاهِدْونَهُ مِنَ الْعِقَابِ- وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ[1] عِنْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّ الْبِشَارَةَ بِالْجِنَانِ تَأْتِيهِمْ.
احتجاج النبي ص على جماعة من المشركين
عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ ع أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ ع هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يُنَاظِرُ الْيَهُودَ وَ الْمُشْرِكِينَ إِذَا عَاتَبُوهُ وَ يُحَاجُّهُمْ؟ قَالَ بَلَى مِرَاراً كَثِيرَةً مِنْهَا مَا حَكَى اللَّهُ مِنْ قَوْلِهِمْ- وَ قالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَ يَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ؟ إِلَى قَوْلِهِ رَجُلًا مَسْحُوراً[2] وَ قَالُوا- لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ[3] وَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً إِلَى قَوْلِهِ كِتاباً نَقْرَؤُهُ[4] ثُمَّ قِيلَ لَهُ فِي آخِرِ ذَلِكَ لَوْ كُنْتَ نَبِيّاً كَمُوسَى أَنْزَلْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً مِنَ السَّمَاءِ وَ نَزَلَتْ عَلَيْنَا الصَّاعِقَةُ فِي مَسْأَلَتِنَا إِلَيْكَ لِأَنَّ مَسْأَلَتَنَا أَشَدُّ مِنْ مَسَائِلِ قَوْمِ مُوسَى لِمُوسَى ع قَالَ وَ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ قَاعِداً ذَاتَ يَوْمٍ بِمَكَّةَ بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ إِذِ اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ رُؤَسَاءِ قُرَيْشٍ مِنْهُمُ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ وَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ بْنُ هِشَامٍ وَ أَبُو جَهْلٍ وَ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ وَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيُّ وَ كَانَ مَعَهُمْ جَمْعٌ مِمَّنْ يَلِيهِمْ كَثِيرٌ وَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ يَقْرَأُ عَلَيْهِمْ كِتَابَ اللَّهِ وَ يُؤَدِّي إِلَيْهِمْ عَنِ اللَّهِ أَمْرَهُ وَ نَهْيَهُ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ لَقَدِ اسْتَفْحَلَ أَمْرُ مُحَمَّدٍ وَ عَظُمَ خَطْبُهُ فَتَعَالَوْا نَبْدَأْ بِتَقْرِيعِهِ وَ تَبْكِيتِهِ وَ تَوْبِيخِهِ وَ الِاحْتِجَاجِ عَلَيْهِ وَ إِبْطَالِ مَا جَاءَ بِهِ لِيَهُونَ خَطْبُهُ عَلَى أَصْحَابِهِ وَ يُصَغَّرَ قَدْرُهُ عِنْدَهُمْ فَلَعَلَّهُ يَنْزِعُ عَمَّا هُوَ فِيهِ مِنْ غَيِّهِ وَ بَاطِلِهِ وَ تَمَرُّدِهِ وَ طُغْيَانِهِ فَإِنِ انْتَهَى وَ إِلَّا عَامَلْنَاهُ بِالسَّيْفِ الْبَاتِرِ قَالَ أَبُو جَهْلٍ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَلِي كَلَامَهُ وَ مُجَادَلَتَهُ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيُّ أَنَا إِلَى ذَلِكَ أَ فَمَا تَرْضَانِي لَهُ قِرْناً حَسِيباً وَ مُجَادِلًا كَفِيّاً قَالَ أَبُو جَهْلٍ بَلَى فَأَتَوْهُ بِأَجْمَعِهِمْ فَابْتَدَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيُّ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ لَقَدِ ادَّعَيْتَ دَعْوَى عَظِيمَةً وَ قُلْتَ مَقَالًا هَائِلًا زَعَمْتَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَ مَا يَنْبَغِي لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَ خَالِقِ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ أَنْ يَكُونَ مِثْلُكَ رَسُولَهُ بَشَرٌ مِثْلُنَا تَأْكُلُ كَمَا نَأْكُلُ وَ تَشْرَبُ كَمَا نَشْرَبُ وَ تَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ كَمَا نَمْشِي-
[1] البقرة: 111- 112.
[2] الفرقان: 7- 8.
[3] الزخرف: 31.
[4] الإسراء: 90- 93.