كَانُوا شُرَكَاءَ لَهُ فَلَهُمْ أَنْ يَقُولُوا وَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْضَى أَمْ أَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ دِيناً تَامّاً فَقَصَّرَ الرَّسُولُ ص عَنْ تَبْلِيغِهِ وَ أَدَائِهِ وَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ يَقُولُ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ[1] وَ فِيهِ تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ وَ ذَكَرَ أَنَّ الْكِتَابَ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضاً وَ أَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ- وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً وَ أَنَّ الْقُرْآنَ ظَاهِرُهُ أَنِيقٌ وَ بَاطِنُهُ عَمِيقٌ لَا تَفْنَى عَجَائِبُهُ وَ لَا تَنْقَضِي غَرَائِبُهُ وَ لَا تُكْشَفُ الظُّلُمَاتُ إِلَّا بِهِ.
وَ رُوِيَ أَنَّهُ ع قَالَ: إِنَّ أَبْغَضَ الْخَلَائِقِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى رَجُلَانِ رَجُلٌ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى نَفْسِهِ فَهُوَ جَائِرٌ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ سَائِرٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ لَا دَلِيلٍ مَشْغُوفٌ بِكَلَامِ بِدْعَةٍ وَ دُعَاءِ ضَلَالَةٍ[2] فَهُوَ فِتْنَةٌ لِمَنِ افْتَتَنَ بِهِ ضَالٌّ [عَنْ] هَدْيِ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مُضِلٌّ لِمَنِ اقْتَدَى بِهِ فِي حَيَاتِهِ وَ بَعْدَ وَفَاتِهِ حَمَّالٌ خَطَايَا غَيْرِهِ رَهْنٌ بِخَطِيئَتِهِ وَ رَجُلٌ قَمَشَ جَهْلًا فَوُضِعَ فِي جُهَّالِ الْأُمَّةِ غَارَ فِي أَغْبَاشِ الْفِتْنَةِ قَدْ لَهِجَ مِنْهَا بِالصَّوْمِ وَ الصَّلَاةِ- عَمِيَ فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ سَمَّاهُ اللَّهُ عَارِياً مُنْسَلِخاً وَ سَمَّاهُ أَشْبَاهَ النَّاسِ عَالِماً وَ لَيْسَ بِهِ وَ لَمَّا يَغْنَ فِي الْعِلْمِ يَوْماً سَالِماً بَكَّرَ فَاسْتَكْثَرَ مِنْ جَمْعٍ مَا قَلَّ مِنْهُ خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ حَتَّى إِذَا ارْتَوَى مِنْ آجِنٍ وَ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِ طَائِلٍ جَلَسَ بَيْنَ النَّاسِ مُفْتِياً قَاضِياً ضَامِناً لِتَخْلِيصِ مَا الْتَبَسَ عَلَى غَيْرِهِ إِنْ خَالَفَ مَنْ سَبَقَهُ لَمْ يُؤْمِنْ مِنْ نَقْضِ حُكْمِهِ مَنْ يَأْتِي مِنْ بَعْدِهِ كَفِعْلِهِ بِمَنْ كَانَ قَبْلَهُ فَإِنْ نَزَلَتْ بِهِ إِحْدَى الْمُبْهَمَاتِ هَيَّأَ لَهَا حَشْواً رَثّاً مِنْ رَأْيِهِ ثُمَّ قَطَعَ بِهِ فَهُوَ مِنْ لَبْسِ الشُّبُهَاتِ فِي مِثْلِ نَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ خَبَّاطُ جَهَالاتٍ وَ رَكَّابُ عَشَوَاتٍ وَ مِفْتَاحُ شُبُهَاتٍ فَهُوَ لَا يَدْرِي أَصَابَ الْحَقَّ أَمْ أَخْطَأَ إِنْ أَصَابَ خَافَ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخْطَأَ وَ إِنْ أَخْطَأَ رَجَا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَصَابَ فَهُوَ مِنْ رَأْيِهِ فِي مِثْلِ نَسْجِ غَزْلِ الْعَنْكَبُوتِ الَّذِي إِذَا مَرَّتْ بِهِ النَّارُ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا لَمْ يَعَضَّ عَلَى الْعِلْمِ بِضِرْسٍ قَاطِعٍ فَيَغْنَمَ بِذَرْيِ الرِّوَايَاتِ إِذْرَاءَ الرِّيحِ الْهَشِيمَ لَا مَلِيٌّ وَ اللَّهِ بِإِصْدَارِ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ لَا يَحْسَبُ الْعِلْمَ فِي شَيْءٍ مِمَّا أَنْكَرَهُ وَ لَا يَرَى أَنَّ مِنْ وَرَاءِ مَا ذَهَبَ فِيهِ مَذْهَبَ نَاطِقٍ مَا بَلَغَ مِنْهُ مَذْهَباً لِغَيْرِهِ وَ إِنْ قَاسَ شَيْئاً بِشَيْءٍ لَمْ تكذب [يُكَذِّبْ] رَأْيَهُ كَيْلَا يُقَالَ لَهُ لَا يَعْلَمُ شَيْئاً وَ إِنْ خَالَفَ قَاضِياً سَبَقَهُ لَمْ يُؤْمِنْ فَضِيحَتَهُ حِينَ خَالَفَهُ- وَ إِنْ أَظْلَمَ عَلَيْهِ أَمْرٌ اكْتَتَمَ بِهِ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ جَهْلِ نَفْسِهِ تَصْرُخُ مِنْ جَوْرِ قَضَائِهِ الدِّمَاءَ وَ تَعَجُّ مِنْهُ الْمَوَارِيثُ إِلَى اللَّهِ أَشْكُو مَعْشَراً يَعِيشُونَ جُهَّالًا وَ يَمُوتُونَ ضُلَّالًا لَا يَتَعَذَّرُ مِمَّا لَا يَعْلَمُ فَيَسْلَمَ وَ تُوَلْوِلُ مِنْهُ الْفُتْيَا وَ تَبْكِي مِنْهُ الْمَوَارِيثُ وَ يُحَلَّلُ بِقَضَائِهِ الْفَرْجُ الْحَرَامُ وَ يُحَرَّمُ بِقَضَائِهِ الْفَرْجُ الْحَلَالُ وَ يَأْخُذُ الْمَالَ مِنْ أَهْلِهِ فَيَدْفَعُهُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ وَ رُوِيَ أَنَّهُ ص قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَ الْمَعْرِفَةِ بِمَنْ لَا تَعْتَذِرُونَ بِجَهَالَتِهِ فَإِنَّ الْعِلْمَ الَّذِي هَبَطَ بِهِ آدَمُ وَ جَمِيعُ مَا فُضِّلَتْ بِهِ النَّبِيُّونَ إِلَى خَاتَمِ النَّبِيِّينَ فِي عِتْرَةِ نَبِيِّكُمْ مُحَمَّدٍ ص فَأَنَّى يُتَاهُ بِكُمْ بَلْ أَيْنَ تَذْهَبُونَ- يَا مَنْ نُسِخَ مِنْ أَصْلَابِ أَصْحَابِ السَّفِينَةِ هَذِهِ مَثَلُهَا فِيكُمْ فَارْكَبُوهَا فَكَمَا نَجَا فِي هَاتِيكَ مَنْ نَجَا فَكَذَلِكَ
[1] الأنعام- 28.
[2] المشعوف: المجنون الوله.