مَفْرُوضٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لِنَبِيِّهِ ص- فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَ إِيجَابِهِ مِثْلَ ذَلِكَ عَلَى أَوْلِيَائِهِ وَ أَهْلِ طَاعَتِهِ بِقَوْلِهِ- لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فَحَسْبُكَ مِنَ الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الْمَوْضِعِ مَا سَمِعْتَ فَإِنَّ شَرِيعَةَ التَّقِيَّةِ تَحْظُرُ التَّصْرِيحَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَ أَمَّا قَوْلُهُ وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا وَ قَوْلُهُ وَ لَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى وَ قَوْلُهُ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ ... أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ فَذَلِكَ كُلُّهُ حَقٌّ وَ لَيْسَتْ جِيِئَتُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ كَجِيئَةِ خَلْقِهِ فَإِنَّهُ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَكُونُ تَأْوِيلُهُ عَلَى غَيْرِ تَنْزِيلِهِ وَ لَا يُشْبِهُ تَأْوِيلُهُ بِكَلَامِ الْبَشَرِ وَ لَا فِعْلِ الْبِشْرِ وَ سَأُنَبِّئُكَ بِمِثَالٍ لِذَلِكَ تَكْتَفِي بِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَ هُوَ حِكَايَةُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ع حَيْثُ قَالَ- إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي فَذَهَابُهُ إِلَى رَبِّهِ تَوَجُّهُهُ إِلَيْهِ فِي عِبَادَتِهِ وَ اجْتِهَادِهِ أَ لَا تَرَى أَنَّ تَأْوِيلَهُ غَيْرُ تَنْزِيلِهِ وَ قَالَ- وَ أَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ- وَ قَالَ وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ فَإِنْزَالُهُ ذَلِكَ خَلْقُهُ إِيَّاهُ وَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ أَيِ الْجَاحِدِينَ وَ التَّأْوِيلُ فِي هَذَا الْقَوْلِ بَاطِنُهُ مُضَادٌّ لِظَاهِرِهِ وَ مَعْنَى قَوْلِهِ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ فَإِنَّمَا خَاطَبَ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً ص هَلْ يَنْتَظِرُ الْمُنَافِقُونَ وَ الْمُشْرِكُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ فَيُعَايِنُونَهُمْ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَعْنِي بِذَلِكَ أَمْرَ رَبِّكَ وَ الْآيَاتُ هِيَ الْعَذَابُ فِي دَارِ الدُّنْيَا كَمَا عَذَّبَ الْأُمَمَ السَّالِفَةَ وَ الْقُرُونَ الْخَالِيَةَ وَ قَالَ أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها يَعْنِي بِذَلِكَ مَا يَهْلِكُ مِنَ الْقُرُونِ فَسَمَّاهُ إِتْيَاناً وَ قَالَ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ أَيْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ فَسَمَّى اللَّعْنَةَ قِتَالًا وَ كَذَلِكَ قَالَ قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ أَيْ لُعِنَ الْإِنْسَانُ وَ قَالَ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى- فَسَمَّى فِعْلَ النَّبِيِّ ص فِعْلًا لَهُ أَ لَا تَرَى تَأْوِيلَهُ عَلَى غَيْرَ تَنْزِيلِهِ وَ مِثْلُ قَوْلِهِ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ فَسَمَّى الْبَعْثَ لِقَاءً وَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ أَيْ يُوقِنُونَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ وَ مِثْلُهُ قَوْلُهُ أَ لا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ أَيْ لَيْسَ يُوقِنُونَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ وَ اللِّقَاءُ عِنْدَ الْمُؤْمِنِ الْبَعْثُ وَ عِنْدَ الْكَافِرِ الْمُعَايَنَةُ وَ النَّظَرُ وَ قَدْ يَكُونُ بَعْضُ ظَنِّ الْكَافِرِ يَقِيناً وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَ رَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها أَيْ تَيَقَّنُوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَ أَمَّا قَوْلُهُ فِي الْمُنَافِقِينَ وَ تَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا فَلَيْسَ ذَلِكَ بِيَقِينٍ وَ لَكِنَّهُ شَكٌّ فَاللَّفْظُ وَاحِدٌ فِي الظَّاهِرِ وَ مُخَالِفٌ فِي الْبَاطِنِ وَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى يَعْنِي اسْتَوَى تَدْبِيرُهُ وَ عَلَا أَمْرُهُ- وَ قَوْلُهُ وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَ قَوْلُهُ وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَ قَوْلُهُ ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ فَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ اسْتِيلَاءَ أُمَنَائِهِ بِالْقُدْرَةِ الَّتِي رَكَّبَهَا فِيهِمْ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ وَ أَنَّ فِعْلَهُ فِعْلُهُمْ-