و منها: ما روي عن ابن عبّاس، أن النبيّ صلّى اللّه عليه و
آله دخل الكعبة، و افتتح الصلاة فقال أبو جهل: من يقوم إلى هذا الرجل فيفسد عليه
صلاته؟ فقام ابن الزبعرى، و تناول فرثا و دما و ألقى ذلك عليه (ص) فجاء أبو طالب-
و قد سل سيفه- فلما رأوه جعلوا ينهضون فقال: و اللّه لئن قام أحد جللته بسيفي، ثمّ
قال: يا ابن أخي من الفاعل بك؟ قال: هذا «عبد اللّه» فأخذ أبو طالب فرثا و دما و
ألقى ذلك عليه.
و منها: قوله عليه
السلام يخاطب الرسول (ص) مسكنا جأشه طالبا منه إظهار دعوته
لا يمنعنك من حقّ تقوم به
أيد تصول و لا سلق بأصوات
فان كفك كفي إن عليت بهم
و دون نفسك نفسي في الملمات
و منها: قوله يؤنب
قريشا و يحذرهم الحرب:
ألا من لهم آخر الليل معتم
طواني و اخرى النجم لما تقحم
طواني و قد نامت عيون كثيرة
و سامر اخرى ساهر لم ينوم
لأحلام قوم قد أرادوا محمّدا
بظلم و من لا يتقي البغي يظلم
سعوا سفها و اقتادهم سوء أمرهم
على خائل من أمرهم غير محكم
رجاء أمور لم ينالوا انتظامها
و لو حشدوا في كلّ بدو و موسم
يرجون منه خطة دون نيلها
ضراب و طعن بالوشيج المقوم
يرجون أن نسخى بقتل محمد
و لم تختضب سمر العوالي من الدم
كذبتم و بيت اللّه حتّى تفلقوا
جماجم تلقى بالحطيم و زمزم
و تقطع أرحام و تنسى حليلة
حليلا و يغشى محرم بعد محرم
هم الأسد اسد الزأرتين إذا غدت
على حنق لم تخش إعلام معلم
فيا لبني فهر أفيقوا و لم تقم
نوائح قتلى تدعى بالتندم
على ما مضى من بغيكم و عقوقكم
و إتيانكم في أمركم كلّ مأثم
و ظلم نبي جاء يدعو إلى الهدى
و أمر أتى من عند ذي العرش قيم
فلا تحسبونا مسلميه و مثله
إذا كان في قوم فليس بمسلم
فهذي معاذير و تقدمة لكم
لئلا تكون الحرب قبل التقدّم
و منها: لما رأى
المشركون موقف أبي طالب (ع) من نصرة الرسول و سمعوا أقواله، اجتمعوا بينهم و قالوا
ننافي بني هاشم، و نكتب صحيفة و نودعها الكعبة: أن لا نبايعهم، و لا نشاريهم، و لا
نحدثهم، و لا نستحدثهم، و لا نجتمع معهم في مجمع و لا نقضي لهم حاجة؛ و لا نقضيها
منهم، و لا نقتبس منهم نارا حتّى يسلموا إلينا محمّدا و يخلوا بيننا و بينه، أو
ينتهي عن تسفيه آبائنا، و تضليل آلهتنا، و أجمع كفّار مكّة على ذلك.
فلما بلغ ذلك أبا طالب
(ع) قال: يخبرهم باستمراره على مناصرة الرسول (ص) و مؤازرته له، و يحذرهم الحرب، و
ينهاهم عن متابعة السفهاء: