فَقَالَ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ مَا تَرَكْتُمْ لِنَبِيٍّ دَرَجَةً وَ لَا لِمُرْسَلٍ فَضِيلَةً إِلَّا أَنْحَلْتُمُوهَا نَبِيَّكُمْ فَهَلْ تُجِيبُونِّي عَمَّا أَسْأَلُكُمْ عَنْهُ؟[1] فَكَاعَ الْقَوْمُ عَنْهُ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع نَعَمْ مَا أَعْطَى اللَّهُ نَبِيّاً دَرَجَةً وَ لَا مُرْسَلًا فَضِيلَةً إِلَّا وَ قَدْ جَمَعَهَا لِمُحَمَّدٍ ص وَ زَادَ مُحَمَّداً عَلَى الْأَنْبِيَاءِ أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ فَهَلْ أَنْتَ مُجِيبِي؟
قَالَ لَهُ نَعَمْ سَأَذْكُرُ لَكَ الْيَوْمَ مِنْ فَضَائِلِ رَسُولِ اللَّهِ ص مَا يُقِرُّ اللَّهُ بِهِ عَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ يَكُونُ فِيهِ إِزَالَةٌ لِشَكِّ الشَّاكِّينَ فِي فَضَائِلِهِ ص إِنَّهُ كَانَ إِذَا ذَكَرَ لِنَفْسِهِ فَضِيلَةً قَالَ وَ لَا فَخْرَ وَ أَنَا أَذْكُرُ لَكَ فَضَائِلَهُ غَيْرَ مُزْرٍ بِالْأَنْبِيَاءِ وَ لَا مُنْتَقِصٍ لَهُمْ وَ لَكِنْ شُكْراً لِلَّهِ عَلَى مَا أَعْطَى مُحَمَّداً ص مِثْلَ مَا أَعْطَاهُمْ وَ مَا زَادَهُ اللَّهُ وَ مَا فَضَّلَهُ عَلَيْهِمْ قَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فَأَعِدَّ لَهُ جَوَاباً قَالَ لَهُ عَلِيٌّ ع هَاتِ- قَالَ الْيَهُودِيُّ هَذَا آدَمُ ع أَسْجَدَ اللَّهُ لَهُ مَلَائِكَتَهُ فَهَلْ فَعَلَ لِمُحَمَّدٍ شَيْئاً مِنْ هَذَا؟
فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ ع لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ أَسْجَدَ اللَّهُ لِآدَمَ مَلَائِكَتَهُ فَإِنَّ سُجُودَهُمْ لَهُ لَمْ يَكُنْ سُجُودَ طَاعَةٍ وَ أَنَّهُمْ عَبَدُوا آدَمَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَكِنِ اعْتَرَافاً بِالْفَضِيلَةِ وَ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ لَهُ وَ مُحَمَّدٌ ص أُعْطِيَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ صَلَّى عَلَيْهِ فِي جَبَرُوتِهِ وَ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْمَعِهَا وَ تَعَبَّدَ الْمُؤْمِنِينَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَهَذِهِ زِيَادَةٌ يَا يَهُودِيُّ قَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ فَإِنَّ آدَمَ ع تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَعْدَ خَطِيئَتِهِ قَالَ لَهُ عَلِيٌّ ع لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ نَزَلَ فِيهِ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْ هَذَا مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ أَتَى قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ[2] إِنَّ مُحَمَّداً غَيْرُ مُوَافٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِوِزْرٍ وَ لَا مَطْلُوبٍ فِيهَا بِذَنْبٍ قَالَ الْيَهُودِيُّ فَإِنَّ هَذَا إِدْرِيسُ رَفَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ مَكاناً عَلِيًّا وَ أَطْعَمَهُ مِنْ تُحَفِ الْجَنَّةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ قَالَ لَهُ عَلِيٌّ ع لَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ وَ مُحَمَّدٌ ص أُعْطِيَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ فِيهِ- وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ[3] فَكَفَى بِهَذَا مِنَ اللَّهِ رِفْعَةً وَ لَئِنْ أُطْعِمَ إِدْرِيسُ مِنْ تُحَفِ الْجَنَّةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَإِنَّ مُحَمَّداً أُطْعِمَ فِي الدُّنْيَا فِي حَيَاتِهِ بَيْنَمَا يَتَضَوَّرُ جُوعاً فَأَتَاهُ جَبْرَئِيلُ ع بِجَامٍ مِنَ الْجَنَّةِ فِيهِ تُحْفَةٌ فَهَلَّلَ الْجَامُ وَ هَلَّلَتِ التُّحْفَةُ فِي يَدِهِ وَ سَبَّحَا وَ كَبَّرَا وَ حَمَّدَا فَنَاوَلَهَا أَهْلَ بَيْتِهِ فَفَعَلَتِ الْجَامُ مِثْلَ ذَلِكَ فَهَمَّ أَنْ يُنَاوِلَهَا بَعْضَ أَصْحَابِهِ فَتَنَاوَلَهَا جَبْرَئِيلُ ع وَ قَالَ لَهُ كُلْهَا فَإِنَّهَا تُحْفَةٌ مِنَ الْجَنَّةِ أَتْحَفَكَ اللَّهُ بِهَا وَ إِنَّهَا
[1] كاع القوم عنه: هابوه و جنبوا.
[2] الفتح- 2.
[3] الشرح- 4.