قَالَتْ فَكَبَوْتُ كَبْوَةً شَدِيدَةً مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ رَدَّنِي مِنْ سَخَطٍ أَوْ نَزَلَ فِيَّ شَيْءٌ مِنَ السَّمَاءِ- ثُمَّ لَمْ أَلْبَثْ أَنْ أَتَيْتُ الْبَابَ ثَانِيَةً فَقُلْتُ أَدْخُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ص؟ فَقَالَ لَا فَكَبَوْتُ كَبْوَةً أَشَدَّ مِنَ الْأُولَى ثُمَّ لَمْ أَلْبَثْ أَنْ أَتَيْتُ الْبَابَ ثَالِثَةً فَقُلْتُ أَدْخُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ص؟
فَقَالَ ادْخُلِي يَا أُمَّ سَلَمَةَ فَدَخَلْتُ وَ عَلِيٌّ جَاثٍ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ هُوَ يَقُولُ فِدَاكَ أَبِي وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ص إِذَا كَانَ كَذَا وَ كَذَا فَمَا تَأْمُرُنِي؟ فَقَالَ آمُرُكَ بِالصَّبْرِ ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ الْقَوْلَ ثَانِيَةً فَأَمَرَهُ بِالصَّبْرِ ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ الْقَوْلَ ثَالِثَةً فَأَمَرَهُ بِالصَّبْرِ ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ الْقَوْلَ رَابِعَةً فَقَالَ لَهُ يَا عَلِيُّ يَا أَخِي إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَسِلَّ سَيْفَكَ وَ ضَعْهُ عَلَى عَاتِقِكَ وَ اضْرِبْ بِهِ قُدُماً حَتَّى تَلْقَانِي وَ سَيْفُكَ شَاهِرٌ يَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ وَ قَالَ مَا هَذِهِ الْكَآبَةُ يَا أُمَّ سَلَمَةَ؟ قُلْتُ لِلَّذِي كَانَ مِنْ رَدِّكَ إِيَّايَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لِي وَ اللَّهِ مَا رَدَدْتُكِ لِشَيْءٍ خُبِّرْتُ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ لَكِنْ أَتَيْتِنِي وَ جَبْرَئِيلُ يُخْبِرُنِي بِالْأَحْدَاثِ الَّتِي تَكُونُ مِنْ بَعْدِي وَ أَمَرَنِي أَنْ أُوصِيَ بِذَلِكِ عَلِيّاً يَا أُمَّ سَلَمَةَ اسْمَعِي وَ اشْهَدِي هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع وَزِيرِي فِي الدُّنْيَا وَ وَزِيرِي فِي الْآخِرَةِ يَا أُمَّ سَلَمَةَ اسْمَعِي وَ اشْهَدِي هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَصِيِّي وَ خَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي وَ قَاضِي عِدَاتِي وَ الذَّائِدُ عَنْ حَوْضِي اسْمَعِي وَ اشْهَدِي هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ سَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ وَ إِمَامُ الْمُتَّقِينَ وَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ وَ قَاتِلُ النَّاكِثِينَ وَ الْمَارِقِينَ وَ الْقَاسِطِينَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنِ النَّاكِثُونَ؟
قَالَ الَّذِينَ يُبَايِعُونَهُ بِالْمَدِينَةِ وَ يَنْكُثُونَ بِالْبَصْرَةِ قُلْتُ مَنِ الْقَاسِطُونَ؟ قَالَ مُعَاوِيَةُ وَ أَصْحَابُهُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ قُلْتُ مَنِ الْمَارِقُونَ؟ قَالَ أَصْحَابُ نَهْرَوَانَ.
[خطبة أمير المؤمنين ع بعد فتح البصرة]
و روي أن أمير المؤمنين ع قال في أثناء خطبة خطبها بعد فتح البصرة بأيام حَاكِياً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص قَوْلَهُ يَا عَلِيُّ إِنَّكَ بَاقٍ بَعْدِي وَ مُبْتَلًى بِأُمَّتِي وَ مُخَاصَمٌ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ فَأَعْدِدْ لِلْخُصُومَةِ جَوَاباً فَقُلْتُ بِأَبِي وَ أُمِّي أَنْتَ بَيِّنْ لِي مَا هَذِهِ الْفِتْنَةُ الَّتِي أُبْتَلَى بِهَا وَ عَلَى مَا أُجَاهِدُ بَعْدَكَ؟ فَقَالَ لِي إِنَّكَ سَتُقَاتِلُ بَعْدِي النَّاكِثَةَ وَ الْقَاسِطَةَ وَ الْمَارِقَةَ وَ جَلَاهُمْ وَ سَمَّاهُمْ رَجُلًا رَجُلًا وَ تُجَاهِدُ مِنْ أُمَّتِي كُلَّ مَنْ خَالَفَ الْقُرْآنَ وَ سُنَّتِي مِمَّنْ يَعْمَلُ فِي الدِّينِ بِالرَّأْيِ وَ لَا رَأْيَ فِي الدِّينِ إِنَّمَا هُوَ أَمْرُ الرَّبِّ وَ نَهْيُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهُ فَأَرْشِدْنِي إِلَى الْفَلْجِ عِنْدَ الْخُصُومَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ نَعَمْ إِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَاقْتَصِرْ عَلَى الْهُدَى إِذَا قَوْمُكَ عَطَفُوا الْهُدَى عَلَى الْهَوَى وَ عَطَفُوا الْقُرْآنَ عَلَى الرَّأْيِ فَتَأَوَّلُوهُ بِرَأْيِهِمْ بِتَتَبُّعِ الْحُجَجِ مِنَ الْقُرْآنِ لِمُشْتَهَيَاتِ الْأَشْيَاءِ الطَّارِيَةِ عِنْدَ الطُّمَأْنِينَةِ إِلَى الدُّنْيَا فَاعْطِفْ أَنْتَ الرَّأْيَ عَلَى الْقُرْآنِ وَ إِذَا قَوْمُكَ حَرَّفُوا الْكَلِمَةَ عَنْ مَوَاضِعِهِ عِنْدَ