[2] تجد هذه الخطبة في ج 1 من نهج البلاغة ص 25 و
هي الخطبة المعروفة ب« الشقشقية» لقوله( ع) في جواب ابن عبّاس:
« هيهات هيهات تلك شقشقة هدرت ثمّ
قرت» و تعرف أيضا« بالمقمصة» لقوله( ع):« أما و اللّه لقد تقمصها ابن أبي قحافة»
تسمية الشيء بأشهر ألفاظه كما هو الحال في أسماء سور القرآن الكريم كسورة آل
عمران، و الرّحمن، و الواقعة، و يس و غيرها.
و هذه الخطبة الجليلة في حسن
اسلوبها، و بديع نظمها، و فصاحة ألفاظها، دليل لا يقبل التردد، و لا يتطرق إليه
الشك في كونها صادرة عن مركز الثقل الإلهي، و معدن الوصاية و الإمامة، فهي حقّا
كما قيل:« فوق كلام المخلوق دون كلام الخالق».
و قد رواها الشيخ المفيد في
الإرشاد ص 127 و قال ابن أبي الحديد في شرحه على النهج ص 69 ج 1: حدّثني شيخي أبو
الخير مصدق بن شبيب الواسطي في سنة« 603» قال: قرأت على الشيخ أبي محمّد بن عبد
اللّه بن أحمد المعروف بابن الخشاب هذه الخطبة ..
إلى أن قال: فقلت له: أ تقول إنها
منحولة؟ فقال: لا و اللّه، و إنّي لأعلم صدورها منه كما أعلم أنك« مصدق» قال: فقلت
له: إن كثيرا من الناس يقولون: إنها من كلام الرضي رحمه اللّه تعالى، فقال: أنّى
للرضي و لغير الرضي هذا النفس و هذا الأسلوب؟ قد وقفنا على رسائل الرضي و عرفنا
طريقته و فنه في الكلام المنثور، و ما يقع مع هذا الكلام في« خل و لا خمر».
ثمّ قال: و اللّه لقد وقفت على
هذه الخطبة في كتب صنفت قبل أن يخلق الرضي بمائتي سنة، و لقد وجدتها مسطورة بخطوط
أعرفها، و أعرف من هو من العلماء و أهل الأدب قبل أن يخلق النقيب أبو أحمد والد
الرضي قلت: و قد وجدت أنا كثيرا من هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخيّ
إمام البغداديين من المعتزلة، و كان في دولة المقتدر قبل أن يخلق الرضي بمدة
طويلة، و وجدت أيضا كثيرا منها في كتاب أبي جعفر ابن قبة أحد متكلمي الإماميّة، و
هو الكتاب المشهور المعروف بكتاب« الإنصاف» و كان أبو جعفر هذا من تلامذة الشيخ
أبي القاسم البلخيّ رحمه اللّه تعالى، و مات في ذلك العصر قبل أن يكون الرضي رحمه
اللّه تعالى موجودا.
[3] تنفس الصعداء- بضم الصاد و فتح المهملتين-:
المدفوع من التنفس يصعده المتلهف الحزين.
[4] ابن أبي قحافة: أبو بكر و اسمه« عبد اللّه» و
في الجاهلية« عتيق» و اسم أبيه« عثمان» و الضمير في تقمصها عائد إلى الخلافة، و
إنّما لم يذكرها للعلم بها، و تقمصها جعلها مشتملة عليه كالقميص كناية عن تلبسه
بها.
[5] قطب الرحى مسمارها الذي عليه تدور فكما ان
الرحى لا تدور الا على القطب و بغيره لا يستقيم لها دوران، فكذلك الخلافة محله
منها محل القطب من الرحى: لا تستقيم حركتها و لا تأخذ استقامتها بغيره، و هو وحده
القادر على تدبير شئونها و ادارتها حسب المصلحة العامّة و وفق الخطة الإلهية
الحكيمة.
[6] سدلت: ارخيت كناية عن اعراضه عنها، و احتجابه
عن طلبها.
[7] الكشح: ما بين الخاصرة و الجنب، أنزل الخلافة
منزلة المأكول الذي منع نفسه عنه، فلم يشتمل عليه كشحه.
[8] طفقت: جعلت، و اخذت، و شرعت، و ارتأى افكر
طلبا للرأي الصائب وصال: حمل نفسه على الأمر بقوة و الطخية:-- قطعة من الغيم. و
الجذاء: المقطوعة.
أي جعلت أدير الفكر و اجيله في
امر الخلافة، و اردده في طرفي نقيض: أما ان أشهر السيف و أصول على الغاصبين
للخلافة، و المعتدين على حقّي، او اترك و اصبر، و في كلا الحالين خطر، فاما القيام
و الثورة فبيد مقطوعة من غير ناصر و لا معين، و اما الثاني فلما يؤول إليه الحال:
من اختلاط الأمور، و عدم انتظام الحياة، و التمييز بين الحق و الباطل، فكما ان
الظلمة و العمى لا يهتدي معهما للتمييز بين الأشياء، فكذلك اضطراب الهيئة
الاجتماعية، و تشابك المشاكل و ازدحامها لا يهتدي معه لوجه الحق.