responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإحتجاج نویسنده : الطبرسي، أبو منصور    جلد : 1  صفحه : 191

فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَا ابْنَ الْخَمَّارَةِ لَيْسَ كَمَا قِسْتَ إِنَّ عُثْمَانَ جَلَسَ فِي غَيْرِ مَجْلِسِهِ وَ ارْتَدَى بِغَيْرِ رِدَائِهِ صَارَعَ الْحَقَّ فَصَرَعَهُ الْحَقُّ وَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ لَوْ وَجَدْتُ يَوْمَ بُويِعَ أَخُو تَيْمٍ أَرْبَعِينَ رَهْطاً لَجَاهَدْتُهُمْ فِي اللَّهِ إِلَى أَنْ أُبْلِيَ عُذْرِي ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْأَشْعَثَ لَا يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ وَ إِنَّهُ أَقَلُّ فِي دِينِ اللَّهِ مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ[1].

وَ رَوَى جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ النَّقْلِ مِنْ طُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِالرَّحَبَةِ-[2] فَذَكَرْتُ الْخِلَافَةَ وَ تَقَدُّمَ مَنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ فَتَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ[3] ثُمَّ قَالَ أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ تَقَمَّصَهَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ[4] وَ إِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى‌[5] يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ وَ لَا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ فَسَدَلْتُ دُونَهَا ثَوْباً[6] وَ طَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً[7] وَ طَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَةٍ عَمْيَاءَ[8] يَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ وَ يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ وَ يَكْدَحُ فِيهَا


[1] العفطة من الشاة: كالعطاس من الإنسان.

[2] تجد هذه الخطبة في ج 1 من نهج البلاغة ص 25 و هي الخطبة المعروفة ب« الشقشقية» لقوله( ع) في جواب ابن عبّاس:

« هيهات هيهات تلك شقشقة هدرت ثمّ قرت» و تعرف أيضا« بالمقمصة» لقوله( ع):« أما و اللّه لقد تقمصها ابن أبي قحافة» تسمية الشي‌ء بأشهر ألفاظه كما هو الحال في أسماء سور القرآن الكريم كسورة آل عمران، و الرّحمن، و الواقعة، و يس و غيرها.

و هذه الخطبة الجليلة في حسن اسلوبها، و بديع نظمها، و فصاحة ألفاظها، دليل لا يقبل التردد، و لا يتطرق إليه الشك في كونها صادرة عن مركز الثقل الإلهي، و معدن الوصاية و الإمامة، فهي حقّا كما قيل:« فوق كلام المخلوق دون كلام الخالق».

و قد رواها الشيخ المفيد في الإرشاد ص 127 و قال ابن أبي الحديد في شرحه على النهج ص 69 ج 1: حدّثني شيخي أبو الخير مصدق بن شبيب الواسطي في سنة« 603» قال: قرأت على الشيخ أبي محمّد بن عبد اللّه بن أحمد المعروف بابن الخشاب هذه الخطبة ..

إلى أن قال: فقلت له: أ تقول إنها منحولة؟ فقال: لا و اللّه، و إنّي لأعلم صدورها منه كما أعلم أنك« مصدق» قال: فقلت له: إن كثيرا من الناس يقولون: إنها من كلام الرضي رحمه اللّه تعالى، فقال: أنّى للرضي و لغير الرضي هذا النفس و هذا الأسلوب؟ قد وقفنا على رسائل الرضي و عرفنا طريقته و فنه في الكلام المنثور، و ما يقع مع هذا الكلام في« خل و لا خمر».

ثمّ قال: و اللّه لقد وقفت على هذه الخطبة في كتب صنفت قبل أن يخلق الرضي بمائتي سنة، و لقد وجدتها مسطورة بخطوط أعرفها، و أعرف من هو من العلماء و أهل الأدب قبل أن يخلق النقيب أبو أحمد والد الرضي قلت: و قد وجدت أنا كثيرا من هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخيّ إمام البغداديين من المعتزلة، و كان في دولة المقتدر قبل أن يخلق الرضي بمدة طويلة، و وجدت أيضا كثيرا منها في كتاب أبي جعفر ابن قبة أحد متكلمي الإماميّة، و هو الكتاب المشهور المعروف بكتاب« الإنصاف» و كان أبو جعفر هذا من تلامذة الشيخ أبي القاسم البلخيّ رحمه اللّه تعالى، و مات في ذلك العصر قبل أن يكون الرضي رحمه اللّه تعالى موجودا.

[3] تنفس الصعداء- بضم الصاد و فتح المهملتين-: المدفوع من التنفس يصعده المتلهف الحزين.

[4] ابن أبي قحافة: أبو بكر و اسمه« عبد اللّه» و في الجاهلية« عتيق» و اسم أبيه« عثمان» و الضمير في تقمصها عائد إلى الخلافة، و إنّما لم يذكرها للعلم بها، و تقمصها جعلها مشتملة عليه كالقميص كناية عن تلبسه بها.

[5] قطب الرحى مسمارها الذي عليه تدور فكما ان الرحى لا تدور الا على القطب و بغيره لا يستقيم لها دوران، فكذلك الخلافة محله منها محل القطب من الرحى: لا تستقيم حركتها و لا تأخذ استقامتها بغيره، و هو وحده القادر على تدبير شئونها و ادارتها حسب المصلحة العامّة و وفق الخطة الإلهية الحكيمة.

[6] سدلت: ارخيت كناية عن اعراضه عنها، و احتجابه عن طلبها.

[7] الكشح: ما بين الخاصرة و الجنب، أنزل الخلافة منزلة المأكول الذي منع نفسه عنه، فلم يشتمل عليه كشحه.

[8] طفقت: جعلت، و اخذت، و شرعت، و ارتأى افكر طلبا للرأي الصائب وصال: حمل نفسه على الأمر بقوة و الطخية:-- قطعة من الغيم. و الجذاء: المقطوعة.

أي جعلت أدير الفكر و اجيله في امر الخلافة، و اردده في طرفي نقيض: أما ان أشهر السيف و أصول على الغاصبين للخلافة، و المعتدين على حقّي، او اترك و اصبر، و في كلا الحالين خطر، فاما القيام و الثورة فبيد مقطوعة من غير ناصر و لا معين، و اما الثاني فلما يؤول إليه الحال: من اختلاط الأمور، و عدم انتظام الحياة، و التمييز بين الحق و الباطل، فكما ان الظلمة و العمى لا يهتدي معهما للتمييز بين الأشياء، فكذلك اضطراب الهيئة الاجتماعية، و تشابك المشاكل و ازدحامها لا يهتدي معه لوجه الحق.

نام کتاب : الإحتجاج نویسنده : الطبرسي، أبو منصور    جلد : 1  صفحه : 191
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست