فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ شَتَمْتِنِي يَا أُخْتِ؟ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَ لَكِنَّ الْفِتْنَةَ إِذَا أَقْبَلَتْ غَضَّتْ عَيْنَيِ الْبَصِيرِ وَ إِذَا أَدْبَرَتْ أَبْصَرَهَا الْعَاقِلُ وَ الْجَاهِلُ.
احتجاج أمير المؤمنين ع بعد دخوله البصرة بأيام على من قال من أصحابه إنه ما قسم الفيء فينا بالسوية و لا عدل في الرعية و غير ذلك من المسائل التي سئل عنها في خطبة خطبها
رَوَى يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ[1] بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يَخْطُبُ بِالْبَصْرَةِ بَعْدَ دُخُولِهِ بِأَيَّامٍ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنِي مَنْ أَهْلُ الْجَمَاعَةِ وَ مَنْ أَهْلُ الْفُرْقَةِ وَ مَنْ أَهْلُ الْبِدْعَةِ وَ مَنْ أَهْلُ السُّنَّةِ؟
فَقَالَ وَيْحَكَ أَمَّا إِذَا سَأَلْتَنِي فَافْهَمْ عَنِّي وَ لَا عَلَيْكَ أَنْ تَسْأَلَ عَنْهَا أَحَداً بَعْدِي أَمَّا أَهْلُ الْجَمَاعَةِ فَأَنَا وَ مَنْ تَبِعَنِي وَ إِنْ قَلُّوا وَ ذَلِكَ الْحَقُّ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَ عَنْ أَمْرِ رَسُولِهِ وَ أَهْلُ الْفُرْقَةِ الْمُخَالِفُونَ لِي وَ لِمَنِ اتَّبَعَنِي وَ إِنْ كَثُرُوا وَ أَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَالْمُتَمَسِّكُونَ بِمَا سَنَّهُ اللَّهُ لَهُمْ وَ رَسُولُهُ وَ إِنْ قَلُّوا وَ أَمَّا أَهْلُ الْبِدْعَةِ فَالْمُخَالِفُونَ لِأَمْرِ اللَّهِ وَ لِكِتَابِهِ وَ لِرَسُولِهِ الْعَامِلُونَ بِرَأْيِهِمْ وَ أَهْوَائِهِمْ وَ إِنْ كَثُرُوا وَ قَدْ مَضَى مِنْهُمُ الْفَوْجُ الْأَوَّلُ وَ بَقِيَتْ أَفْوَاجٌ وَ عَلَى اللَّهِ قَبْضُهَا وَ اسْتِيصَالُهَا عَنْ جَدَدِ الْأَرْضِ فَقَامَ إِلَيْهِ عَمَّارٌ فَقَالَ- يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ النَّاسَ يَذْكُرُونَ الْفَيْءَ وَ يَزْعُمُونَ أَنَّ مَنْ قَاتَلَنَا فَهُوَ وَ مَالُهُ وَ وُلْدُهُ فَيْءٌ لَنَا فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ وَ يُدْعَى عَبَّادَ بْنَ قَيْسٍ وَ كَانَ ذَا عَارِضَةٍ وَ لِسَانٍ شَدِيدٍ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ اللَّهِ مَا قَسَمْتَ بِالسَّوِيَّةِ وَ لَا عَدَلْتَ بِالرَّعِيَّةِ فَقَالَ وَ لِمَ وَيْحَكَ؟
قَالَ لِأَنَّكَ قَسَمْتَ مَا فِي الْعَسْكَرِ وَ تَرَكْتَ الْأَمْوَالَ وَ النِّسَاءَ وَ الذُّرِّيَّةَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ كَانَتْ بِهِ جِرَاحَةٌ فَلْيُدَاوِهَا بِالسَّمْنِ فَقَالَ عَبَّادٌ جِئْنَا نَطْلُبُ غَنَائِمَنَا فَجَاءَنَا بِالتُّرَّهَاتِ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع- إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَلَا أَمَاتَكَ اللَّهُ حَتَّى يُدْرِكَكَ غُلَامُ ثَقِيفٍ قِيلَ وَ مَنْ غُلَامُ ثَقِيفٍ؟ فَقَالَ رَجُلٌ لَا يَدَعُ لِلَّهِ حُرْمَةً إِلَّا انْتَهَكَهَا فَقِيلَ أَ فَيَمُوتُ أَوْ يُقْتَلُ فَقَالَ يَقْصِمُهُ قَاصِمُ الْجَبَّارِينَ بِمَوْتٍ فَاحِشٍ يَحْتَرِقُ مِنْهُ دُبُرُهُ لِكَثْرَةِ مَا يَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ يَا أَخَا بَكْرٍ أَنْتَ امْرُؤٌ ضَعِيفُ الرَّأْيِ أَ وَ مَا عَلِمْتَ أَنَّا لَا نَأْخُذُ الصَّغِيرَ بِذَنْبِ الْكَبِيرِ وَ أَنَّ الْأَمْوَالَ كَانَتْ
[1] راجع هامش ص 154.