فَوَ اللَّهِ لَصَاعٌ مِنْ تَمْرٍ خَيْرٌ مِمَّا سَأَلَ أَوْ لَوْ كَانَ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكاً يُعِينُهُ عَلَى عَدُوِّهِ أَوْ يُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزاً يُنْفِقُهُ وَ أَصْحَابُهُ فَإِنَّ بِهِمْ حَاجَةً كَانَ خَيْراً مِمَّا سَأَلَ وَ مَا دَعَا عَلِيّاً قَطُّ إِلَى خَيْرٍ إِلَّا اسْتَجَابَ لَهُ.
احتجاجه ع على الناكثين بيعته في خطبة خطبها حين نكثوها
فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ لَمَّا خَلَقَ الْخَلْقَ اخْتَارَ خِيَرَةً مِنْ خَلْقِهِ وَ اصْطَفَى صَفْوَةً مِنْ عِبَادِهِ وَ أَرْسَلَ رَسُولًا مِنْهُمْ وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابَهُ وَ شَرَعَ لَهُ دِينَهُ وَ فَرَضَ فَرَائِضَهُ فَكَانَتِ الْجُمْلَةُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ذِكْرُهُ حَيْثُ أَمَرَ فَقَالَ- أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَهُوَ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ خَاصَّةً دُونَ غَيْرِنَا فَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ ارْتَدَدْتُمْ وَ نَقَضْتُمُ الْأَمْرَ وَ نَكَثْتُمُ الْعَهْدَ وَ لَمْ تَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَ قَدْ أَمَرَكُمُ اللَّهُ أَنْ تَرُدُّوا الْأَمْرَ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَى رَسُولِهِ وَ إِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمُ الْمُسْتَنْبِطِينَ لِلْعِلْمِ فَأَقْرَرْتُمْ ثُمَّ جَحَدْتُمْ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ لَكُمْ- أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَ إِيَّايَ فَارْهَبُونِ[1] إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ وَ الْحِكْمَةِ وَ الْإِيمَانِ آلُ إِبْرَاهِيمَ ع بَيَّنَهُ اللَّهُ لَهُمْ فَحَسَدُوا فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ- أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً. فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَ كَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً[2] فَنَحْنُ آلُ إِبْرَاهِيمَ فَقَدْ حُسِدْنَا كَمَا حُسِدَ آبَاؤُنَا وَ أَوَّلُ مَنْ حُسِدَ آدَمُ الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِيَدِهِ وَ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَ أَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ وَ عَلَّمَهُ الْأَسْماءَ كُلَّها وَ اصْطَفَاهُ عَلَى الْعَالَمِينَ فَحَسَدَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ثُمَّ حَسَدَ قَابِيلُ هَابِيلَ فَقَتَلَهُ فَكَانَ مِنَ الْخَاسِرِينَ وَ نُوحٌ حَسَدَهُ قَوْمُهُ فَقَالُوا- ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَ يَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ. وَ لَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ[3] وَ لِلَّهِ الْخِيَرَةُ يَخْتَارُ مَنْ يَشَاءُ وَ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ* وَ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ وَ الْعِلْمَ مَنْ يَشاءُ ثُمَّ حَسَدُوا نَبِيَّنَا مُحَمَّداً ص أَلَا وَ نَحْنُ أَهْلَ الْبَيْتِ الَّذِينَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ نَحْنُ الْمَحْسُودُونَ كَمَا حُسِدَ آبَاؤُنَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُ[4] وَ قَالَ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ[5]- فَنَحْنُ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ وَ نَحْنُ وَرِثْنَاهُ وَ نَحْنُ أُولُو الْأَرْحَامِ الَّذِينَ وَرِثْنَا الْكَعْبَةَ وَ نَحْنُ آلُ إِبْرَاهِيمَ أَ فَتَرْغَبُونَ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي[6] يَا قَوْمِ أَدْعُوكُمْ إِلَى اللَّهِ وَ إِلَى رَسُولِهِ وَ إِلَى كِتَابِهِ وَ إِلَى وَلِيِّ أَمْرِهِ وَ إِلَى وَصِيِّهِ وَ وَارِثِهِ مِنْ بَعْدِهِ فَاسْتَجِيبُوا لَنَا وَ اتَّبِعُوا آلَ إِبْرَاهِيمَ وَ اقْتَدُوا بِنَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ فَرْضاً وَاجِباً وَ الْأَفْئِدَةُ مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْنَا وَ ذَلِكَ دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ ع حَيْثُ قَالَ- فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ[7] فَهَلْ نَقَمْتُمْ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ مَا
[1] البقرة: 40.
[2] النساء 4/ 55.
[3] المؤمنون- 33- 34.
[4] آل عمران- 68.
[5] الأحزاب- 6.
[6] إبراهيم- 36.
[7] إبراهيم- 37.