نام کتاب : دراسات تاريخيّة من القرآن الكريم نویسنده : محمد بيومي مهران جلد : 1 صفحه : 405
الحرام [١] ، فإن واحدا من هذه البيوت لم يجتمع له ما أجتمع لبيت
مكة ، لأن مكة ملتقى القوافل بين الجنوب والشمال وبين الشرق والغرب ، وكانت لازمة
لمن يحمل تجارة اليمن إلى الشام ، ولمن يعود من الشام بتجارة يحملها إلى شواطئ
الجنوب ، وكانت القبائل تلوذ منها بمثابة مطروقة تتردد عليها ، ولم تكن فيها سيادة
قاهرة على تلك القبائل في باديتها أو في رحلاتها [٢].
وكانت مكة كذلك
عربية لجميع العرب ، ولم تكن كسروية ولا قيصرية ، ولا تبعيّة ولا نجاشية ، كما
عساها كانت تكون لو استقرت على مشارف الشام أو عند تخوم الجنوب ، ولهذا تمت لها الخصائص
التي كانت لازمة لمن يقصدونها يجدون فيها من يبادلهم ويبادلونه على حكم المنفعة
المشتركة ، لا على حكم القهر والإكراه [٣].
هذا بالاضافة
إلى أن كعبة مكة ـ دون غيرها من البيوت الحرام ـ إنما هي من بناء أبيهم إبراهيم
وولده إسماعيل ، عليهماالسلام ، فضلا عن إنها إنما كانت تضم أصناما لكل قبيلة عربية ،
حتى زاد عدد الأصنام في الكعبة على ثلاثمائة صنم [٤] ، وأخيرا فإن الكعبة إنما أصبحت آخر الأمر ، المفخرة
القومية ، والحرام الإلهي عند العرب ، ثم غدت بعد حين من الدهر ،
[١] ياقوت ١ / ٢٣٨ ،
٣ / ٤٢٧ ، ٤ / ٣٩٤ ـ ٣٩٥ ، ٥ / ٢٦٨ ـ ٢٦٩ ، بلوغ الأرب ١ / ٣٤٦ ـ ٣٤٧ ، ٢ / ٢٠٢ ،
٢٠٧ ـ ٢٠٩ ، كتاب الأصنام ص ٣٨ ، البكري ٢ / ٦٠٣ ، كتاب المحبر ص ٣١٧ ، ابن حزم :
جمهرة أنساب العرب ص ٤٩٣ ، الروض الآنف ١ / ٦٦.