ولمّا ختم الله
سبحانه سورة التغابن بذكر النساء والتحذير منهنّ ، افتتح هذه السورة بذكرهنّ وذكر
أحكامهنّ وأحكام فراقهنّ ، فقال :
(بِسْمِ اللهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) ناداه بهذا النداء تشريفا له ، وتعليما لعباده كيف
يحاورونه في أثناء محاوراتهم ، ويذكرونه في خلال كلامهم.
وخصّ النداء
وعمّ الخطاب بالحكم ، لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إمام أمّته وقدوتهم ، كما يقال لرئيس القوم وكبيرهم :
يا فلان افعلوا كيت وكيت ، إظهارا لتقدّمه ، واعتبارا لترؤّسه ، ونظرا إلى أنّه
الّذي يصدرون عن رأيه ، ولا يستبدّون بأمر دونه ، فكان هو وحده في حكم كلّهم ،
وسادّا مسدّ جميعهم ، فنداؤه كندائهم.
وعن الجبائي :
تقديره : قل إذا طلّقتم. أو لأنّ الكلام معه ، والحكم يعمّهم.
وهذا أحسن
الوجوه. ولا يلزم خروجه عن الحكم على هذا الوجه ، لأنّه إنّما جعله صلىاللهعليهوآلهوسلم آمرا تنزيها له عن فعل المكروه بغير داع يدعو إليه ،
فإنّ الطلاق من غير داع مكروه ، لكونه خلاف النكاح المرغوب ، ولما رواه الثعلبي عن
عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «تزوّجوا ولا تطلّقوا ، فإنّ المطلّق يهتزّ منه
العرش».
وعن ثوبان
يرفعه إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أيّما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس ،
فحرام عليها رائحة الجنّة».
والمعنى : إذا
أردتم تطليقهنّ ، على تنزيل المقبل على الأمر المشارف له منزلة