وقيل : كان عوف
بن مالك الأشجعي ذا أهل ومال ، فإذا أراد أن يغزوا تعلّقوا به وبكوا إليه ورقّقوه
، فهمّ بأذاهم. فنزلت :
(إِنَّما أَمْوالُكُمْ
وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) بلاء ومحنة ، لأنّهم يوقعون في الإثم والعقوبة ، ولا
بلاء أعظم منهما. ألا ترى إلى قوله : (وَاللهُ عِنْدَهُ
أَجْرٌ عَظِيمٌ) لمن آثر محبّة الله وطاعته على محبّة الأموال والأولاد
والسعي لهم. وفي الحديث : «يؤتى برجل يوم القيامة فيقال : أكل عياله حسناته».
وعن بعض السّلف
: العيال سوس الطاعات.
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنّه كان يخطب فجاء الحسن والحسين وعليهما قميصان
أحمران يعثران ويقومان ، فنزل إليهما فأخذهما ووضعهما في حجره على المنبر فقال :
صدق الله عزوجل(إِنَّما أَمْوالُكُمْ
وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ). رأيت هذين الصبيّين فلم أصبر عنهما. ثمّ أخذ في خطبته».
وعن ابن مسعود
قال : لا يقولنّ أحدكم : اللهمّ إنّي أعوذ بك من الفتنة ، فإنّه ليس أحد منكم يرجع
إلى مال وأهل وولد إلّا وهو مشتمل على فتنة. ولكن ليقل : اللهمّ إنّي أعوذ بك من
مضلّات الفتن.
(فَاتَّقُوا اللهَ مَا
اسْتَطَعْتُمْ) أي : ابذلوا في تقواه جهدكم وطاقتكم. ولا تنافي بين هذا
وبين قوله : (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ
تُقاتِهِ)[١] لأنّ كلّ واحد منهما إلزام لترك جميع المعاصي ، فمن فعل
ذلك فقد اتّقى عقاب الله ، لأنّ من لم يفعل قبيحا ولا أخلّ بواجب فلا عقاب عليه.
إلّا أنّ في أحد الكلامين تبيينا أنّ التكليف لا يلزم العبد إلّا