صُوَرَكُمْ
وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (٣) يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما
تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٤))
ولمّا ختم
سبحانه سورة المنافقين بذكر الأمر بالطاعة والنهي عن المعصية ، افتتح هذه السورة
ببيان حال المطيع والعاصي ، فقال :
(بِسْمِ اللهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) بدلالتهما على كماله واستغنائه (لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ) قدّم الظرفين للدلالة على اختصاص الأمرين به من حيث
الحقيقة ، لأنّ الملك على الحقيقة له ، لأنّه مبدئ كلّ شيء ومبدعه ، والقائم به
والمهيمن عليه. وكذلك الحمد ، لأنّ أصول النعم وفروعها منه.
وأمّا ملك غيره
فتسليط منه واسترعاء ، وحمده اعتداد بأنّ نعمة الله جرت على يده. (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) لأنّ نسبة ذاته المقتضية للقدرة إلى الكلّ على سواء.
ثمّ شرع فيما
ادّعاه ، فقال : (هُوَ الَّذِي
خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ) أي : آت بالكفر وفاعل له (وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) آت بالإيمان وفاعل له ، كقوله : (وَجَعَلْنا فِي
ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ
فاسِقُونَ)[١]. والدليل عليه قوله : (وَاللهُ بِما
تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) أي : عالم بكفركم وإيمانكم اللّذين هما من عملكم
فيعاملكم بما يناسب أعمالكم.
والمعنى : هو
الّذي تفضّل عليكم بأصل النعم الّذي هو الخلق والإيجاد عن العدم ، فكان يجب أن
تنظروا النظر الصحيح ، وتكونوا بأجمعكم عبادا شاكرين.
فما فعلتم مع
تمكّنكم ، بل تشعّبتم شعبا ، وتفرّقتم أمما ، فمنكم كافر ومنكم مؤمن.