الأكول : إنّه لحطمة ، لكسره المأكولات. وعن مقاتل : وهي تحطم العظام ،
وتأكل اللحوم ، حتّى تهجم على القلوب.
ثمّ قال تفخيما
لأمرها : (وَما أَدْراكَ مَا
الْحُطَمَةُ) ما النار الّتي لها هذه الخاصّية (نارُ اللهِ) تفسير لها (الْمُوقَدَةُ) أي : النار الّتي أوقدها الله ، وما أوقده لا يقدر غيره
أن يطفئه (الَّتِي تَطَّلِعُ
عَلَى الْأَفْئِدَةِ) أي : تعلو أوساط القلوب ، وتشتمل عليها. وتخصيصها
بالذكر لأنّ الفؤاد ألطف ما في البدن ، وأشدّه تألّما بأدنى أذى يمسّه ، فكيف إذا
أطلعت عليه نار جهنّم واستولت عليه؟! أو لأنّها محلّ العقائد الزائغة ، والنيّات
الخبيثة ، ومنشأ الأعمال القبيحة.
(إِنَّها عَلَيْهِمْ
مُؤْصَدَةٌ) مطبقة. من : أوصدت الباب إذا أطبقته.
قال :
تحنّ إلى
أجبال مكّة ناقتي
ومن دونها
أبواب صنعاء مؤصدة
(فِي
عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) أي : موثّقين في أعمدة ممدودة مثل المقاطر [١] الّتي تقطر فيها اللصوص. أو المعنى : توصد عليهم
الأبواب ، وتمدّد على الأبواب العمد ، استيثاقا في استيثاق. وذلك لتأكيد يأسهم من
الخروج ، وتيقّنهم بحبس الأبد. وقرأ الكوفيّون غير حفص بضمّتين.
روى العيّاشي
بإسناده عن محمد بن النعمان الأحول ، عن حمران بن أعين ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «إنّ الكفّار والمشركين يعيّرون أهل التوحيد في
النار ، ويقولون : ما نرى توحيدكم أغنى عنكم شيئا ، وما نحن وأنتم إلّا سواء. قال
: فيأنف لهم الربّ تعالى ، فيقول للملائكة : اشفعوا ، فيشفعون لمن شاء الله. ثمّ
يقول للنبيّين : اشفعوا ، فيشفعون لمن شاء الله. ثمّ يقول للمؤمنين : اشفعوا ،
فيشفعون لمن شاء الله. ويقول الله : أنا أرحم الراحمين اخرجوا برحمتي ، فيخرجون
كما يخرج الفراش. قال : ثمّ قال أبو جعفر عليهالسلام : ثمّ مدّت العمد ، فأوصدت عليهم ، وكان والله الخلود».
[١] المقاطر جمع
المقطرة : الفلق. وهي : خشبة فيها خروق تدخل فيها أرجل المسجونين.