وقال عكرمة :
هي ألسنة الرجال توري النار من عظيم ما تتكلّم به.
وعن محمد بن
كعب : هي النيران بجمع. وعنه أيضا : يريد بقوله : (فَالْمُغِيراتِ
صُبْحاً) الإبل ترتفع بركبانها يوم النحر من جمع إلى منى.
والسنّة أن لا ترتفع بركبانها حتّى تصيح. والإغارة سرعة السير. ومنه قولهم : أشرق [١] ثبير كيما نغير. وعنه أيضا المراد بقوله : (فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) يريد جمع منى.
والتفسير
الأوّل قول أكثر المفسّرين. ويحتمل أن يكون القسم بالنفوس العادية أثر كمالهنّ ،
الموريات بأفكارهنّ أنوار المعارف ، والمغيرات على الهوى والعادات إذا ظهر لهنّ
مثل أنوار القدس ، فأثرن به شوقا ، فوسطن به جمعا من جموع العلّيّين.
وعلى التقادير
جواب القسم (إِنَّ الْإِنْسانَ
لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) لكفور. من : كند النعمة كنودا. ومنه سمّي كندة ، لأنّه
كند أباه ففارقه. أو لعاص ، بلغة كندة. أو لبخيل ، بلغة بني مالك.
(وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ) إنّ الإنسان على كنوده (لَشَهِيدٌ) يشهد على نفسه ، ولا يقدر أن يجحده ، لظهور أمره عليه.
وقيل : إنّ الله على كنوده لشهيد. فيكون وعيدا.
(وَإِنَّهُ لِحُبِّ
الْخَيْرِ) لأجل حبّ المال ، من قوله : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً)[٢]. (لَشَدِيدٌ) لبخيل. يقال : فلان شديد ومتشدّد. أو لقويّ مبالغ فيه.
(أَفَلا يَعْلَمُ إِذا
بُعْثِرَ) بعث (ما فِي الْقُبُورِ) من الموتى (وَحُصِّلَ) جمع محصّلا في الصحف ، أو ميّز (ما فِي الصُّدُورِ) من خير أو شرّ. وتخصيصه لأنّه الأصل. (إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ) وهو يوم القيامة (لَخَبِيرٌ) عالم بما أعلنوا وما أسرّوا ، فيجازيهم عليه. وإنّما
قال «ما» ثمّ «بهم» لاختلاف شأنهم في الحالين.
[١] تبير : جبل
بمكّة. والمعنى : ليشرق شعاع الشمس على ثبير حتّى نغير على الأعداء.