ولمّا ختم الله
سبحانه سورة البلد بذكر النار المؤصدة ، بيّن في هذه السورة أنّ النجاة منها لمن
زكّى نفسه ، وأكّده بأن أقسم عليه ، فقال :
(بِسْمِ اللهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * وَالشَّمْسِ وَضُحاها) قد تقدّم أنّ الله سبحانه له أن يقسم بماء شاء من خلقه
، تنبيها على عظيم قدرته وكثرة الانتفاع بخلقه. ولمّا كان قوام العالم من الحيوان
والنبات بطلوع الشمس وغروبها ، أقسم بها وبضحاها ، وهو امتداد ضوئها ، وانبساط
إشراقها ، وقيام سلطانها. ولذلك قيل : وقت الضحى ، وكأنّ وجهه شمس الضحى. وقيل :
الضحوة ارتفاع النهار ، والضحى فوق ذلك.
والضحاء ـ بالفتح
والمدّ ـ إذا امتدّ النهار وقرب أن ينتصف.
(وَالْقَمَرِ إِذا
تَلاها) تبعها فأخذ من ضوئها ، وسار خلفها. أو تلا طلوعه طلوعها
أوّل الشهر. أو تلا طلوعه عند غروبها ليلة البدر ، آخذا من نورها. وقيل : إذا
استدار فتلاها في الضياء والنور.
(وَالنَّهارِ إِذا
جَلَّاها) جلّى الشمس ، فإنّها تتجلّى تمام الانجلاء إذا انبسط
النهار ، فكأنّه مجلّيها. وقيل : إذا جلّى الظلمة ، أو الدنيا ، أو الأرض ، وإن لم
يجر ذكرها ، كقولهم : أصبحت باردة ، يردون : الغداة ، وأرسلت المطر ، يريدون :
السماء.
(وَاللَّيْلِ إِذا
يَغْشاها) يغشى الشمس فيغطّي ضوءها ، أو الآفاق ، أو الأرض.