أحد إلّا قال : نفسي نفسي ، وإنّ محمّدا يقول : ربّ أمّتي أمّتي».
(يَوْمَئِذٍ) بدل من «إذا دكّت». والعامل فيها (يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ) أي : يتذكّر معاصيه. أو يتّعظ ، لأنّه يعلم قبحها فيندم
عليها. (وَأَنَّى لَهُ
الذِّكْرى) أي : ومن أين له منفعة الذكرى؟ على تقدير مضاف ، لئلّا
يناقض ما قبله.
(يَقُولُ يا لَيْتَنِي
قَدَّمْتُ لِحَياتِي) أي : لحياتي هذه ، وهي حياة الآخرة. أو وقت حياتي في
الدنيا أعمالا صالحة ، كقوله : جئته لعشر ليال خلون من رجب.
وهذا أبين دليل
على أنّ الاختيار كان في أيدي المكلّفين ، ومعلّقا بقصدهم وإرادتهم ، وأنّهم لم
يكونوا محجوبين عن الطاعات ، مجبرين على المعاصي ، كمذهب أهل الأهواء والبدع ،
وإلّا فما معنى التحسّر؟
(فَيَوْمَئِذٍ لا
يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ * وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ) الضمير لله ، أي : لا يتولّى عذاب الله ووثاقه يوم
القيامة سواه ، إذ الأمر كلّه لله في ذلك اليوم. أو للإنسان ، أي : لا يعذّب أحد
من الزبانية مثل ما يعذّبه الإنسان ، ولا يوثق بالسلاسل والأغلال وثاق أحد منهم ،
لتناهيه في كفره وعناده. وقرأهما الكسائي ويعقوب على بناء المفعول ، والضمير
للإنسان. وقيل : هو أبيّ بن خلف ، أي : لا يعذّب أحد مثل عذابه ، ولا يوثق أحد مثل
وثاقه. والمعنى : لا يحمّل عذاب الإنسان أحد ، كقوله : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى)[١].