ثمّ وصل بقوله
: (لَبِالْمِرْصادِ) قوله : (فَأَمَّا الْإِنْسانُ) كأنّه قيل : إنّ الله تعالى لا يريد من الإنسان إلّا
الطاعة والسعي للعاقبة ، وهو مرصد بالعقوبة للعاصي ، فأمّا الإنسان فلا يريد ذلك ،
ولا يهمّه إلّا العاجلة وما يلذّه وينعمه فيها ، لأنّه (إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ) اختبره بالغنا واليسر (فَأَكْرَمَهُ
وَنَعَّمَهُ) بالجاه والمال (فَيَقُولُ رَبِّي
أَكْرَمَنِ) بما أعطاني ، إترافا والتذاذا ومرحا واختيالا بلا
مقابلته بالشكر.
وهذا خبر
المبتدأ الّذي هو الإنسان. والفاء لما في «أمّا» من معنى الشرط. والظرف المتوسّط
في تقدير التأخير. كأنّه قيل : فأمّا الإنسان فقائل : ربّي أكرمني وقت ابتلائه
بالإنعام. وكذا قوله : (وَأَمَّا إِذا مَا
ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ) إذ التقدير : وأمّا الإنسان وقت ما ابتلاه بالفقر
والتقتير ، ليوازن قسيمه ، فإنّ حقّ التوازن أن يقابل الواقعان بعد «أمّا» و «أمّا»
، كما تقول : أمّا الإنسان فكفور ، وأمّا الملك فشكور. أمّا إذا أحسنت إلى زيد فهو
محسن إليك ، وأمّا إذا أسأت إليه فهو مسيء إليك. فعلم أنّ قوله : (وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ) في تقدير : وأمّا الإنسان إذا ابتلاه ، أي : وقت
ابتلائه بالفقر.