ولمّا نعت الله
سبحانه الجنّة وما فيها عجب من ذلك أهل الضلال ، فبيّن سبحانه أفعاله العجيبة
الغريبة الدالّة على كمال القدرة ، الموجبة لفعل كلّ ما أراد من الصنائع العظيمة
العجيبة ، فقال :
(أَفَلا يَنْظُرُونَ) نظر اعتبار (إِلَى الْإِبِلِ
كَيْفَ خُلِقَتْ) خلقا عجيبا دالّا على كمال قدرته وحسن تدبيره ، حيث
خلقها لجرّ الأثقال إلى البلاد النائية ، فجعلها عظيمة باركة للحمل ، ناهضة بالحمل
، منقادة لمن اقتادها ، ولو كان قائدها غير إنسان ، كما حكي أنّ فارة أخذت بزمام
ناقة فأخذت تجرّها وهي تتبعها حتّى دخلت الجحر ، فجرّت الزمام فقرّبت فمها من جحر
الفار. طوال الأعناق لتنوء بالأوقار [١] ، ترعى كلّ نابت في البراري والمفاوز ممّا لا يرعاه
سائر البهائم ، وتحتمل العطش إلى عشر فصاعدا ليتأتّى لها قطع البراري والمفاوز. مع
ما لها من منافع أخر ، ولذلك خصّت بالذكر لبيان الآيات المنبثّة في الحيوانات
الّتي هي أشرف المركّبات وأكثرها صنعا ، ولأنّها أعجب ما عند العرب من هذا النوع.
وقيل : المراد
بها السحاب على طريق التشبيه والمجاز ، لأنّ الإبل ليست من أسماء السحاب حقيقة ،
كالغمام والمزن والرباب والغيم والغين وغير ذلك.
(وَإِلَى السَّماءِ
كَيْفَ رُفِعَتْ) بلا عمد ، مع ما في خلقها من صنائع القدرة