المكّاسين [١] إن سمعوا منك ، قاصدا بهذا الشرط استبعاد ذلك ، وأنّه
لن يكون كذلك.
(سَيَذَّكَّرُ) سيتّعظ وينتفع بها (مَنْ يَخْشى) يخشى الله وسوء العاقبة ، بأن يتفكّر فيها فيعلم
حقيقتها ، فيقوده النظر إلى اتّباع الحقّ. فأمّا هؤلاء فغير خاشين ولا ناظرين ،
فلا تأمل أن يقبلوا منك.
(وَيَتَجَنَّبُهَا) ويتجنّب الذكرى (الْأَشْقَى) الكافر ، لأنّه أشقى من الفاسق.
أو الّذي هو
أشقى من الكفرة ، لتوغّله في جحوده وإنكاره ، وحقده وشدّة غضبه على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. وقيل : نزلت في الوليد بن المغيرة وعتبة بن ربيعة.
(الَّذِي يَصْلَى
النَّارَ الْكُبْرى) نار جهنّم. والصغرى : نار الدنيا ، فإنّه عليهالسلام قال : «ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنّم».
أو ما في الدرك
الأسفل من أطباق النار ، فإنّ ناره أحرّ وأشدّ من نار أطباق أخر.
(ثُمَّ لا يَمُوتُ
فِيها) فيستريح (وَلا يَحْيى) حياة تنفعه ، بل صارت حياته وبالا عليه ، ومشقّة يتمنّى
زوالها ، لما فيها من فنون العقاب وألوان العذاب. ولهذا ذكر «ثمّ» للدلالة على أنّ
التردّد بين الحياة والموت أفظع من الصلي ، فهو متراخ عنه في مراتب الشدّة.
(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ
تَزَكَّى) تطهّر من الكفر والمعصية. وقيل : من الزكاء بمعنى
النماء. والمعنى : من نشأ ونما في التقوى. وقيل : تطهّر للصلاة ، أو أدّى الزكاة ،
كتصدّق من الصدقة.
(وَذَكَرَ اسْمَ
رَبِّهِ) وحّده بقلبه ولسانه (فَصَلَّى) بذلك الاسم الصلوات الخمس ، لقوله : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي)[٢]. وعن ابن عبّاس : معناه : ذكر معاده
[١] المكّاس : من
يأخذ المكس. والمكس : دراهم كانت تؤخذ من بائعي السلع في أسواق الجاهليّة.