ولمّا ختم
سبحانه سورة الطارق بذكر الوعيد والتهديد للكفّار ، افتتح هذه السورة بذكر صفاته
العلى وقدرته على ما يشاء ، فقال :
(بِسْمِ اللهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) نزّه اسمه عمّا لا يصحّ فيه ، من المعاني الّتي هي
الإلحاد في أسمائه بالتأويلات الزائغة ، مثل أن يفسّر الأعلى بمعنى العلوّ الّذي
هو القهر والاقتدار على كلّ شيء ، لا بمعنى العلوّ في المكان والاستواء على العرش
حقيقة ، كما هو مذهب المشبّهة. ومن إطلاقه على غيره راعما أنّهما فيه سواء ، كعبدة
الأصنام. ومن أن يصان عن الابتذال والذكر لا على وجه الخشوع والتعظيم. ويجوز أن
يكون الأعلى صفة للربّ ، والاسم باعتبار المسمّى.
وعن عقبة بن
عامر الجهنيّ قال : «لمّا نزلت (فَسَبِّحْ بِاسْمِ
رَبِّكَ الْعَظِيمِ)[١] قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : اجعلوها في ركوعكم. فلمّا نزلت (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) قال : اجعلوها في سجودكم. وكانوا يقولون في الركوع :
اللهمّ لك ركعت ، وفي السجود : اللهمّ لك سجدت».
(الَّذِي خَلَقَ
فَسَوَّى) خلق كلّ شيء فسوّى خلقه ، بأن جعل له ما به يتأتّى
كماله من الإحكام والاتّساق ، على وجه يدلّ على أنّه صادر من قدير