ثمّ ذكر قسما
آخر تأكيدا لوقوع البعث ، فقال : (وَالسَّماءِ ذاتِ
الرَّجْعِ) ترجع في كلّ دورة إلى الموضع الّذي تتحرّك عنه. وأكثر
المفسّرين على أنّ الرجع المطر ، سمّي به كما سمّي أوبا ، لأنّ الله يرجعه وقتا
فوقتا ، أو لأنّ العرب يزعمون أنّ السحاب يحمل الماء من البحار ثمّ يرجعه إلى
الأرض. وعلى هذا يجوز أن يراد بالسماء السحاب. أو أرادوا التفاؤل ، فسمّوه رجعا
وأوبا ، ليرجع ويؤب.
(وَالْأَرْضِ ذاتِ
الصَّدْعِ) ما تتصدّع عنه الأرض من النبات. أو الشقّ بالنبات
والعيون.
(إِنَّهُ) إنّ القرآن ، أو إنّ الوعد بالبعث (لَقَوْلٌ فَصْلٌ) فاصل بين الحقّ والباطل ، كما قيل له : إنّه الفرقان.
(وَما هُوَ
بِالْهَزْلِ) فإنّه جدّ كلّه ، ومن حقّه أن يكون مهيبا في الصدور ،
معظّما في القلوب ، يترفّع به قارئه وسامعه أن يلمّ بهزل أو يتفكّه بمزاح ، وأن
يلقى ذهنه إلى أنّ جبّار السماوات يخاطبه فيأمره وينهاه ، ويعده ويوعده ، حتّى إن
لم يستفزّه الخوف ولم تتبالغ فيه الخشية ، فأدنى أمره أن يكون جادّا غير هازل ،
فقد نعى الله على المشركين ذلك في قوله : (وَتَضْحَكُونَ وَلا
تَبْكُونَ وَأَنْتُمْ سامِدُونَ)[١].
(إِنَّهُمْ) يعني : أهل مكّة (يَكِيدُونَ كَيْداً) يعملون المكايد في إطفاء نوره