وألهمه أن ينتكس. أو ذلّل له سبيل الخير والشرّ بإقداره وتمكينه ، كقوله : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ)[١]. وعن ابن عبّاس : بيّن له السبيلين. ونصب «السبيل» بفعل
يفسّره الظاهر ، للمبالغة في التيسير. وتعريفه باللام دون الإضافة للإشعار بأنّه
سبيل عامّ. وفيه ـ على المعنى الأخير ـ إيماء بأنّ الدنيا طريق والمقصد غيرها.
ولذلك عقّبه بقوله :
(ثُمَّ أَماتَهُ) عدّ الإماتة في النعم ، لأنّ الإماتة وصلة في الجملة
إلى الحياة الأبديّة واللذّات الخالصة (فَأَقْبَرَهُ) فجعله ذا قبر يوارى فيه تكرمة له ، ولم يجعله مطروحا
على وجه الأرض جزرا للسباع والطير كسائر الحيوان. يقال : قبر الميّت إذا دفنه ،
وأقبره إذا أمره أن يقبره ومكّنه منه.
(ثُمَّ إِذا شاءَ
أَنْشَرَهُ) أنشأه النشأة الأخرى. وفي «إذا شاء» إشعار بأنّ وقت
النشور غير متعيّن في نفسه ، وإنّما هو موكول إلى مشيئته.
(كَلَّا) ردع للإنسان عمّا هو عليه (لَمَّا يَقْضِ ما
أَمَرَهُ) لم يقض بعد ـ مع تطاول الزمان وامتداده من لدن آدم إلى
هذه الغاية ـ ما أمره الله بأسره حتّى يخرج من جميع أوامره ، إذ لا يخلو أحد من
تقصير مّا.