من ذكرها والسؤال عنها. والمعنى : أنّهم يسألونك عنها ، فلحرصك على جوابهم
لا تزال تذكرها وتسأل عنها.
وقيل : «فيم»
إنكار لسؤالهم. و (أَنْتَ مِنْ ذِكْراها) مستأنف ، معناه : أنت ذكر من ذكراها ، أي : علامة من
أشراطها ، فإنّ إرسالك خاتما للأنبياء أمارة من أماراتها.
فكفاهم بذلك
دليلا على دنوّها ومشارفتها ، ووجوب الاستعداد لها. ولا معنى لسؤالهم عنها.
ثمّ قال : (إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها) أي : منتهى علمها لم يؤت علمها أحدا من خلقه.
(إِنَّما أَنْتَ
مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها) أي : منتهى علمها لم يؤت علمها أحدا من خلقه.
(إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ
مَنْ يَخْشاها) أي : لم تبعث لتعلّمهم وقت الساعة الّذي لا فائدة لهم
في علمه ، وإنّما بعثت لتنذر من أهوالها من يخاف هولها ، ويكون إنذارك لطفا له في
الخشية منها. وعن أبي عمرو : منذر بالتنوين ، والإعمال على الأصل.
وكلاهما يصلحان
للحال والاستقبال ، فإذا أريد الماضي فليس إلّا الإضافة ، كقولك : هو منذر زيد
أمس.
(كَأَنَّهُمْ يَوْمَ
يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا) أي : في الدنيا. وقيل : في القبور. (إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها) أي : عشيّة يوم أوضحاه. وأضاف الضحى إلى العشيّة لما
بينهما من الملابسة ، لاجتماعهما في نهار واحد. وإنّما لم يقل : إلّا عشيّة أو ضحى
، للدلالة على أنّ مدّة لبثهم كأنّها لم تبلغ يوما كاملا ، ولكن ساعة منه : عشيّته
أو ضحاه ، فلمّا ترك اليوم أضافه إلى عشيّته ، فهو كقوله تعالى : (لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ
نَهارٍ)[١].