ولمّا ختم الله
سبحانه سورة القيامة بأن دلّ على صحّة البعث بخلق الإنسان من نطفة ، افتتح هذه
السورة بمثل ذلك ، فقال :
(بِسْمِ اللهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ) استفهام تقرير وتقريب ، ولذلك فسّر بـ «قد». وأصله :
أهل ، بدليل قوله : أهل رأونا بسفح القاع ذي الأكم [١].
فالمعنى : قد
أتى على الإنسان ، أي : أتى عليه قبل زمان قريب. (حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) طائفة محدودة من الزمان الممتدّ غير المحدود (لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) بل كان شيئا منسيّا غير مذكور بالانسانيّة ـ كالعنصر
والتراب والطين ـ إلى أن نفخ فيه الروح.
والجملة حال من
«الإنسان» كأنّه قيل : هل أتى عليه حين من الدهر غير مذكور. أو وصف لـ «حين» بحذف
الراجع ، تقديره : لم يكن شيئا مذكورا فيه.
وعن حمران بن
أعين قال : سألنا الصادق عليهالسلام عنه فقال : «كان شيئا مقدورا ، ولم يكن مكوّنا».
وعن سعيد
الحدّاد عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «كان مذكورا في العلم ، ولم يكن مذكورا في الخلق».
وفيه دلالة على
أنّ المعدوم معلوم وإن لم يكن مذكورا ، وعلى أنّ المعدوم يسمّى شيئا. والمراد
بالإنسان آدم عليهالسلام. وهو أوّل من سمّي به ، فإنّه أتى عليه أربعون سنة لم
يكن شيئا مذكورا ، لا في السماء ولا في الأرض ، بل كان جسدا ملقى من
[١] لزيد الخيل الّذي
سمّاه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
زيد الخير. وصدره : سائل فوارس يربوع بشدّتنا. ويربوع : أبو حيّ. والسفح : أصل
الجبل المنسطح. والقاع : المستوي من الأرض. والأكم : التلول المرتفعة. واحده :
أكمة. والمعنى : راجعهم واسألهم عن قوّتنا أهل ...