ولمّا ختم الله
سبحانه سورة المدّثّر بذكر القيامة وأنّ الكافر لا يؤمن بها ، افتتح هذه السورة
بذكر القيامة وذكر أهوالها ، فقال :
(بِسْمِ اللهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) قد شاع في كلام العرب إدخال «لا» النافية على فعل القسم
للتأكيد.
وقيل : «لا»
ردّ على الّذين أنكروا البعث والنشور ، فكأنّه قال : لا كما تظنّون ، ثمّ ابتدأ
القسم فقال : أقسم بيوم القيامة إنّكم مبعوثون.
وقيل : معناه :
لا أقسم بيوم القيامة ، لظهورها بالدلائل العقليّة والسمعيّة. وقد سبق الكلام في
ذلك في قوله : (فَلا أُقْسِمُ
بِمَواقِعِ النُّجُومِ)[١].
وقرأ قنبل :
لأقسم بغير ألف بعد اللام. وكذلك روي عن البزّي ، على أنّ اللام لتأكيد القسم ، أو
على تقدير : لأنا أقسم ، فخفّف.
(وَلا أُقْسِمُ
بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) بالنفس المتّقية الّتي تلوم النفوس المقصّرة في التقوى
يوم القيامة على تقصيرها. أو النفس الّتي تلوم نفسها في الدنيا وتقول له : ماذا
فعلت؟ ولم قصّرت؟ وإن اجتهدت في الطاعة ، فتكون مفكّرة في العواقب أبدا ، والفاجر
لا يفكّر في أمر الآخرة. أو النفس المطمئنّة اللائمة للنفس الأمّارة. أو بالجنس ،
لما روي أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «ليس من نفس برّة ولا فاجرة إلّا وتلوم نفسها