(كُلُّ نَفْسٍ بِما
كَسَبَتْ) من طاعة أو معصية (رَهِينَةٌ) مرهونة عند الله غير مفكوك. مصدر ، كالشتيمة بمعنى
الشتم ، كأنّه قال : كلّ نفس بما كسبت رهن ، أي : مرهونة محبوسة مطالبة. ولو كانت
صفة لقيل : رهين ، لمساواة فعيل بمعنى المفعول في التذكير والتأنيث.
(إِلَّا أَصْحابَ
الْيَمِينِ) فإنّهم فكّوا رقابهم بما أحسنوا من أعمالهم ، كما يخلّص
الراهن رهنه بأداء الحقّ. وروي عن عليّ عليهالسلام أنّه فسّرهم بالأطفال ، لأنّهم لا أعمال لهم يرتهنون
بها.
وعن ابن عبّاس
: هم الملائكة. وعن الباقر عليهالسلام : «هم نحن وشيعتنا».
(فِي جَنَّاتٍ) لا يكتنه وصفها. وهي حال من (أَصْحابَ الْيَمِينِ) أو من ضميرهم في قوله : (يَتَساءَلُونَ عَنِ
الْمُجْرِمِينَ) أي : يسأل بعضهم بعضا حال كونهم ساكنين في جنّات عن حال
المجرمين وعن ذنوبهم الّتي استحقّوا بها النار. أو يسألون غيرهم عن حالهم ، كقولك
: تداعيناه ، أي : دعوناه.
وقوله : (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) بجوابه حكاية قول المسؤولين عنهم ، لأنّ المسؤولين
يلقون إلى السائلين ما جرى بينهم وبين المجرمين ، فيقولون : قلنا لهم : ما سلككم
في سقر (قالُوا لَمْ نَكُ
مِنَ الْمُصَلِّينَ) إلّا أنّ الكلام جيء به على الحذف والاختصار ، كما هو
نهج التنزيل في غرابة نظمه. فلا يقال : كيف طابق قوله : «ما سلككم» وهو سؤال
للمجرمين قوله : (يَتَساءَلُونَ عَنِ
الْمُجْرِمِينَ) وهو سؤال عنهم ، وإنّما كان يتطابق ذلك لو قيل :
يتساءلون المجرمين ما سلككم؟ والمراد بالصلاة الصلاة الواجبة كما لا يخفى.