تفخيما وتعظيما ، فإنّ الله سبحانه أوحى إليه ، وجبرئيل عليهالسلام أنزل عليه (أَنَّهُ اسْتَمَعَ) بالفتح ، لأنّه فاعل «أوحي» (نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ) النفر ما بين الثلاثة والعشرة.
وقيل : كانوا
من الشيصبان. وهم أكثر الجنّ عددا ، وعامّة جنود إبليس منهم. والجنّ أجسام عاقلة
خفيّة يغلب عليهم الناريّة أو الهوائيّة على صورة مخصوصة ، بخلاف صورة الناس
والملائكة ، فإنّ الملك مخلوق من النور ، والانس من الطين ، والجنّ من النار. وقيل
: نوع من الأرواح المجرّدة. وقيل : نفوس بشريّة مفارقة عن أبدانها.
وفيه دلالة على
أنّه عليهالسلام ما رءاهم ولم يقرأ عليهم ، وإنّما اتّفق حضورهم في بعض
أوقات قراءته فسمعوها ، فأخبر الله به رسوله.
(فَقالُوا) أي : قالوا لقومهم حين رجعوا إليهم ، كقوله تعالى : (فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى
قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ)[١](إِنَّا) بالكسر ، لأنّه مبتدأ محكيّ بعد القول (سَمِعْنا قُرْآناً) كتابا (عَجَباً) بديعا مباينا لكلام الناس في حسن نظمه ودقّة معانيه ،
قائمة فيه دلائل الإعجاز عن الإتيان بمثله. وهو مصدر وضع موضع العجيب للمبالغة.
(يَهْدِي إِلَى
الرُّشْدِ) إلى الحقّ والصواب ، من التوحيد والإيمان بكلّ ما جاء
به النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم(فَآمَنَّا بِهِ) بالقرآن. ولمّا كان الإيمان به إيمانا بالله
وبوحدانيّته وبراءة من الشرك قالوا : (وَلَنْ نُشْرِكَ
بِرَبِّنا أَحَداً) أي : لن نعود إلى ما كنّا عليه من الإشراك به في طاعة
الشيطان.
وفي هذا دلالة
على أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان مبعوثا إلى الجنّ والإنس. وعلى أنّ الجنّ عقلاء
مخاطبون ، وبلغات العرب عارفون. وعلى أنّهم يميّزون بين المعجز وغيره.
وأنّهم دعوا
قومهم إلى الإسلام ، وأخبروهم بإعجاز القرآن. وأنّه كلام الله ، لأنّ كلام العباد
لا يتعجّب منه.
وروى الواحدي
بإسناده عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس قال : ما قرأ