العذاب ، كما قال : (إِنِّي أَخافُ اللهَ
رَبَّ الْعالَمِينَ) ولم ينفعه ذلك.
(فَكانَ عاقِبَتَهُما) عاقبة الفريقين الداعي والمدعوّ ، من الشيطان ومن أغواه
من المنافقين واليهود (أَنَّهُما فِي
النَّارِ) أنّهما معذّبان في النار (خالِدَيْنِ فِيها
وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ) فضرب الله تعالى هذه القصّة لبني النضير حين اغترّوا
بالمنافقين ، ثمّ تبرّؤا منهم عند الشدّة وأسلموهم. وقيل : المراد بالإنسان أبو
جهل ، قال له إبليس يوم بدر : (لا غالِبَ لَكُمُ
الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ) إلى قوله : (إِنِّي بَرِيءٌ
مِنْكُمْ)[١]. قيل : أراد بالشيطان والإنسان اسم الجنس لا المعهود ،
فإنّ الشيطان أبدا يدعو الإنسان إلى الكفر ، ثمّ يتبرّأ منه وقت الحاجة.
ثمّ رجع إلى
موعظة المؤمنين ، فقال : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ) من عمل صالح ينجيه ، أو طالح يوبقه ويرديه (لِغَدٍ) ليوم القيامة.
سمّاه غدا
لدنوّه ، كاليوم الّذي يلي يومك. أو لأنّ الدنيا كيوم ، والآخرة كغده.
وتنكيره
للتعظيم ، ولإبهام أمره ، كأنّه قيل : لغد لا يعرف كنهه لعظمته. وأمّا تنكير النفس
فلاستقلال الأنفس النواظر فيما قدّمن للآخرة ، كأنّه قال : فلتنظر نفس واحدة في
ذلك.
(وَاتَّقُوا اللهَ) تكرير للتأكيد ، أو الأوّل في أداء الواجبات ، لأنّه
مقرون