روي : أنّ
المشركين كانوا يحتفّون حول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حلقا حلقا وفرقا فرقا ، يستمعون ويستهزءون بكلامه ،
ويقولون : إن دخل هؤلاء الجنّة ، كما يقول محمد فلندخلنّها قبلهم ، فنزلت :
(فَما لـ الَّذِينَ
كَفَرُوا قِبَلَكَ) حولك (مُهْطِعِينَ) مسرعين نحوك ، مادّي أعناقهم إليك ، مقبلين بأبصارهم
عليك (عَنِ الْيَمِينِ
وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ) فرقا شتّى. جمع عزة. وأصلها عزوة ، من العزو ، كأنّ كلّ
فرقة تعتزي إلى غير من تعتزي إليه الاخرى ، فهم مفترقون. وقيل : كان المستهزؤن
خمسة أرهط.
(أَيَطْمَعُ كُلُّ
امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ) بلا إيمان. وهو إنكار لقولهم : لو صحّ ما يقوله لنكون
فيها أفضل حظّا منهم كما في الدنيا.
(كَلَّا) ردع لهم عن هذا الطمع. ثمّ علّل ذلك بقوله : (إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ) أي : إنّهم مخلوقون من نطفة قذرة لا تناسب عالم القدس ،
فمن لم يستكمل بالإيمان والطاعة ، ولم يتخلّق بالأخلاق المكتسبة ، لم يستعدّ
لدخولها. أو إنّكم مخلوقون من أجل ما تعلمون. وهو تكميل النفس بالعلم والعمل ، فمن
لم يستكملها لم يتبوّأ في منازل الكاملين.
(فَلا أُقْسِمُ
بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ
خَيْراً مِنْهُمْ) أي : نهلكهم ونأتي بخلق أمثل منهم. وقيل : معناه : نعطي
محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم بدلهم ، وهو خير منهم ، وهم الأنصار. (وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) بمغلوبين في كلّ ما أردنا. وهذا عطف