ولمّا ختم سورة
الحاقّة بوعيد الكفّار ، افتتح هذه السورة بمثل ذلك ، فقال : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) ضمّن «سأل» معنى : دعا ، فعدّي تعديته ، كأنّه قيل :
دعا داع بعذاب واقع على نفسه. من قولك : دعا بكذا إذا استدعاه وطلبه. ومنه قوله
تعالى : (يَدْعُونَ فِيها
بِكُلِّ فاكِهَةٍ)[١].
وعن ابن عبّاس
: السائل النضر بن الحارث ، فإنّه قال : (اللهُمَّ إِنْ كانَ
هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ
أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ)[٢]. وقيل : أبو جهل : فإنّه قال : (فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ
السَّماءِ)[٣] سأله استهزاء. وقيل : هو الرسول ، استعجل بعذابهم.
وقرأ نافع وابن
عامر : سال. وهو إمّا من السؤال على لغة قريش. يقولون : سلت تسال ، وهما يتسالان.
أو يكون من السيلان. والمعنى : اندفع عليهم وادي عذاب فذهب بهم وأهلكهم. ومضيّ
الفعل لتحقّق وقوعه ، إمّا في الدنيا ، وهو قتل بدر ، أو في الآخرة ، وهو عذاب
النار.
وعن قتادة :
سأل سائل عن عذاب الله على من ينزل وبمن يقع؟ فنزلت.