(تَنْزِيلٌ) هو تنزيل (مِنْ رَبِّ
الْعالَمِينَ) نزّله على لسان جبرئيل.
ثمّ أوعدهم على
التكذيب ، فقال : (وَلَوْ تَقَوَّلَ
عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ) أي : افترى علينا بعض الأقوال المفتراة ، فإنّ التقوّل
افتعال القول ، لأنّ فيه تكلّفا من المفتعل. وسمّى الأقوال المتقوّلة ـ أي :
المفتراة ـ أقاويل تحقيرا لها وتصغيرا بها ، كأنّها جمع أفعولة من القول ،
كالأضاحيك والأعاجيب. والمعنى : ولو ادّعى علينا شيئا لم نقله (لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) أي : لأخذنا بيمينه.
(ثُمَّ لَقَطَعْنا
مِنْهُ الْوَتِينَ) أي : نياط قلبه بضرب عنقه. وهو حبل الوريد إذا قطع مات
صاحبه. وهو تصوير لإهلاكه بأفظع ما يفعله الملوك بمن يغضبون عليه ، وهو أن يأخذ
القتّال بيمينه ويكفحه [١] بالسيف ويضرب به جيده. وخصّ اليمين عن اليسار ، لأنّ
القتّال إذا أراد أن يوقع الضرب في قفا أحد أخذ بيساره ، وإذا أراد أن يوقعه في
جيده وأن يكفحه بالسيف ـ وهو أشدّ على المصبور ، لنظره إلى السيف ـ أخذ بيمينه.
وقيل : اليمين بمعنى القوّة.
(فَما مِنْكُمْ مِنْ
أَحَدٍ عَنْهُ) عن القتل (حاجِزِينَ) دافعين ، أي : لا يقدر أحد منكم أن يحجزه عن ذلك ويدفعه
عنه. أو عن محمد ، أي : لا تقدرون أن تحجزوا عنه القاتل وتحولوا بينه وبينه. ووصف «أحد»
بـ «حاجزين» لأنّه في معنى الجماعة. وهو اسم يقع في النفي العامّ ، مستويا فيه
الواحد والجمع والمذكّر والمؤنّث. ومنه قوله تعالى : (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ
أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ)[٢]. والخطاب للناس.
(وَإِنَّهُ) وإنّ القرآن (لَتَذْكِرَةٌ
لِلْمُتَّقِينَ) لأنّهم المنتفعون به (وَإِنَّا لَنَعْلَمُ
أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ)