أممهم ، تحذيرا عن سلوك أمّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم مثل طريقتهم ، لئلّا يعاقبوا بمثل عقوبتهم ، فقال :
(وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ) دعانا بعد ما يئس من إيمان قومه لننصره عليهم. وذلك
قوله : (أَنِّي مَغْلُوبٌ
فَانْتَصِرْ)[١](فَلَنِعْمَ
الْمُجِيبُونَ) أي : فأجبناه أحسن الإجابة ، بأن خلّصناه من أذى قومه
بإهلاكهم ، فو الله لنعم المجيبون نحن. فحذف منها ما حذف ، لقيام ما يدلّ عليه.
والجمع دليل العظمة والكبرياء.
(وَنَجَّيْناهُ
وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) من الغرق ، أو أذى قومه. والكرب كلّ غمّ يصل حرّه إلى
الصدر. وأصل النجاة من النجوة للمكان المرتفع ، فهي الرفع من الهلاك. وأهله هم
الّذين نجوا معه في السفينة.
(وَجَعَلْنا
ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ) إذ هلك من عداهم ، وبقوا متناسلين إلى يوم القيامة. روي
: أنّه مات كلّ من كان معه في السفينة غير بنيه وأزواجهم. وعن قتادة : الناس كلّهم
من ذرّيّة نوح. وكان لنوح عليهالسلام ثلاثة أولاد : سام ، وحام ، ويافث. فسام : أبو العرب ،
وفارس ، والروم. وحام : أبو السودان من المشرق إلى المغرب. ويافث : أبو الترك ،
ويأجوج ومأجوج.
(وَتَرَكْنا) وأثبتنا (عَلَيْهِ فِي
الْآخِرِينَ) من الأمم ، ذكرا جميلا وثناء جليلا.
فحذف مفعول «تركنا».
ثمّ فسّره بقوله : (سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي
الْعالَمِينَ) وهذا كلام جيء به على الحكاية. والمعنى : يسلّمون عليه
تسليما. قيل : هو سلام من الله عليه ، متعلّق بالجارّ والمجرور. ومعناه : الدعاء
بثبوت هذه التحيّة في الملائكة والثقلين جميعا إلى آخر الدهر.
ثمّ علّل ما
فعل بنوح من التكرّم بقوله : (إِنَّا كَذلِكَ) مثل ذلك الجزاء الحسن والذكر الجميل (نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) أي : نجزي ذلك على إحسانه.