فقال له أبو
الحسن عليهالسلام : مالك أطفأ الله نورك ، وأدخل الفقر بيتك ، أما علمت
أنّ الله عزوجل أوحى إلى عمران : أنّي واهب لك ذكرا يبرئ الأكمه
والأبرص. فوهب له مريم ، ووهب لمريم عيسى. فعيسى من مريم ، ومريم من عيسى ، وعيسى
ومريم شيء واحد. وأنا من أبي ، وأبي منّي ، وأنا وأبي شيء واحد.
فقال له أبو
سعيد : فأسألك عن مسألة؟
قال سل ، ولا
تقبل منّي ، ولست من غنمي ، ولكن هلمّها.
قال : ما تقول
في رجل قال عند موته : كلّ مملوك لي قديم ، فهو حرّ لوجه الله تعالى؟
فقال أبو الحسن
عليهالسلام : ما ملكه لستّة أشهر فهو قديم ، وهو حرّ.
قال : وكيف صار
كذلك؟
قال : لأنّ
الله تعالى يقول : (وَالْقَمَرَ
قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ). سمّاه قديما ، ويعود كذلك لستّة أشهر.
قال : فخرج أبو
سعيد من عنده ، وذهب بصره ، وكان يسأل على الأبواب حتّى مات».
(لَا الشَّمْسُ
يَنْبَغِي لَها) لا يصحّ لها ولا يتسهّل ويستقيم (أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) في سرعة سيره ، لأنّ الشمس أبطأ سيرا من القمر ، فإنّها
تقطع منازلها في سنة ، والقمر يقطعها في شهر. والله سبحانه يجريهما إجراء التدوير
، وباين بين فلكيهما ومجاريهما ، فلا يمكن أن يدرك أحدهما الآخر ما داما على هذه
الصفة. وإن كان سيرهما مساويا في السرعة والبطء ، يخلّ بتكوّن النبات وتعيّش
الحيوان. أو في آثاره ومنافعه. أو مكانه ، بالنزول إلى محلّه ، فإنّ القمر في
السماء الدنيا ، والشمس في الرابعة. أو سلطانه ، فتطمس نوره. وإيلاء حرف النفي «الشمس»
للدلالة على أنّها مسخّرة ، لا يتيسّر لها إلّا ما أريد بها.