روي : أنّهم
لمّا قتلوا حبيب النجّار غضب الله عليهم ، فبعث جبرئيل حتّى أخذ بعضادتي باب
المدينة ، ثمّ صاح بهم صيحة فماتوا عن آخرهم ، لا يسمع لهم حسّ ، كالنار إذا طفئت.
واعلم أنّ الله
سبحانه أجرى هلاك كلّ قوم على بعض الوجوه ، بناء على ما اقتضته الحكمة ، وأوجبته
المصلحة. ألا ترى إلى قوله : (فَمِنْهُمْ مَنْ
أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ
مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا)[٢].
ثمّ نادى
الحسرة عليهم بقوله : (يا حَسْرَةً عَلَى
الْعِبادِ) كأنّه قيل للحسرة : تعالي فهذه الحالة من الأحوال الّتي
من حقّها أن تحضري فيها. وهي ما دلّ عليها قوله : (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ
رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) فإنّ المستهزئين بالناصحين المخلصين ـ المنوط بنصحهم
خير الدارين ـ أحقّاء بأن يتحسّر عليهم المتحسّرون ، ويتلهّف على حالهم
المتلهّفون. أو هم متحسّر عليهم من جهة الملائكة. ويجوز أن يكون تحسّرا من الله
عليهم على سبيل الاستعارة ، لتعظيم ما جنوه على أنفسهم.